وما أنفقتم من نفقة سواء كانت لله أو للرياء والسمعة أو أتبعت بمنّ وأذى أو لم تتبع، أو نذرتم من نذر قربة لله أو نذر لجاج وغضب، فالأول: هو التزام الطاعة قربة لله، كقولك: لله علىّ أن أصوم أو أتصدق مثلا بشرط أو بغير شرط، والثاني:
كقولك: إن كلمت فلانا فعلى كذا أو كذا، والأول يجب الوفاء به، وفي الثاني خلاف، قيل: يكفّر عنه كفارة يمين أو يفعل ما التزمه.
كل هذا الله عالم به مجاز عليه إن خيرا فخير وإن شرّا فشر، وما للظالمين من أنصار ينصرونهم يوم القيامة، والمراد بهم هنا الذين بخلوا بالمال ولم يتصدقوا.
إن تظهروا الصدقات ويعلم بها الناس فنعم ما فعلتم، وإن تخفوها وتكتموها وتعطوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم.
والخلاصة هنا: أن إبداء الصدقة الواجبة خير بلا شك من إخفائها خصوصا في هذا الزمان فإن الناس يحتاجون إلى مرشدين عمليين يتقدمون الصفوف ويفعلون الخير قدوة للناس، وأما المندوبة فإخفاؤها وإعطاؤها الفقراء بهذا القيد خير لأن ذلك أدعى لعدم الرياء وأحفظ لكرامة الفقير، فإن كان لجهة عامة أو لمشروع خيرى فلا بأس من إعلانها ليكون ذلك أدعى للتسابق في الخير.
والله بما تعملون خبير وبصير فهو يعرف السّر وأخفى فحاذروه واخشوا عقابه، وذلك لأن أمراض الرياء والنفقة لغير الله أمور قلبية لا يطلع عليها إلّا الله.