رأى الملك في نومه رؤيا أزعجته فقصها على وزرائه وحاشيته وعلمائه فعجزوا عن تفسيرها وكان عجزهم من دواعي التفكير في يوسف، واتصال الملك به.
وقال الملك: إنى أرى سبع بقرات سمان يأكلهن سبع بقرات عجاف هزيلات، وأرى سبع سنبلات خضر وأخرى سنبلات يابسة مهيأة للقطوف، الخيال والرموز إلى الواقع والحقائق.
قالوا: هي أحلام مختلطة، وخيالات غير منتظمة، وهذه أضغاث أحلام لا تأويل لها ولا تفسير، وإنما هي رموز مضطربة تنشأ عن ارتباك في المعدة وكدرة في النفس أحيانا وما نحن بتأويل أمثالها بعالمين.
وهكذا إعداد الله لبعض خلقه، وتربيته لهم جعل الكهنة وعلماء المصريين يعجزون عن تأويل الرؤيا فيبحثون، عمن يؤول لهم فلا يجدون إلا يوسف. وقال صاحبه القديم الذي كان في السجن معه واختبره عن كثب وأدرك ما عليه نفسه وما عنده من علوم ومعارف في تأويل الرؤيا، وقد تذكره بعد طول الزمن يا قوم لا تبحثوا فإنى أنبئكم بتأويل هذا الحلم فأرسلون إلى السجن فإن فيه فتى قد خبرته ووقفت منه على أسرار، فأرسلوه ليوسف فقابله وقال له: يوسف أيها الصديق الكريم أفتنا في رؤيا رآها الملك تتلخص في سبع بقرات سمان أكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخر يابسات، أخبرنى فإنك بتأويل الرؤيا من العالمين.
أفتنا في رؤية الملك فإنى أرجو أن يحقق لك الخروج من السجن وانتفاع الملك بحسن رأيك لعلى أرجع إلى الناس أهل الحل والعقد بتأويلك الدقيق وخبرك الوثيق لعلهم يعلمون مكانتك، وما أنت عليه من ذكاء وعقل، وحكمة وإلهام.
قال يوسف مؤولا الرؤيا، ومبينا لهم ما يجب عمله لتلافي الخطر الذي تشير له الرؤية بالرمز مع اعتزاره برأيه وأن له صفة الآمر الناصح:
تزرعون على معنى ازرعوا سبع سنين قمحا وشعيرا دائبين مجدين بلا انقطاع وإذا فعلتم ذلك فما حصدتموه فاتركوه في سنبله ليكون الحب لكم والتبن لدوابكم وهذه