أَأَشْفَقْتُمْ: أخفتم الفقر من تقديم صدقة بين يدي نجواكم؟
كان النبي صلّى الله عليه وسلّم سمحا كريم الخلق لين الجانب لهذا كثرت مناجاة الناس له في غير حاجة، وما دفع أكثرهم إلا حب الناس التظاهر فنزلت هذه الآية.
[المعنى:]
يا أيها الذين آمنوا إذا أردتم مناجاة الرسول والتحدث إليه سرّا في أمر من الأمور، فقدموا بين يدي «١» نجواكم صدقة، أى: فتصدقوا قبلها، ولعل السر في ذلك تعظيم الرسول، ونفع الفقراء، وتمييز المخلص من المنافق، ومنع تكاثر الناس عليه بدون حاجة، وذلك التقديم خير لكم وأطهر، فإن لم تجدوا شيئا فإن الله غفور رحيم، وهل الأمر في ذلك للندب، أو هو للوجوب ثم نسخ بالآية الآتية؟ قولان: على أن الصدقة هنا لم تحدد لتشمل القليل والكثير، والمشهور أنه لم يعمل بهذه الآية غير علىّ،
فقد روى عن علىّ- رضى الله عنه- أنه قال: إنه في كتاب الله تعالى آية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي هي آية النجوى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ.
(١) - في الكلام استعارة بالكناية حيث شبه النجوى بالإنسان وحذفه ورمز إليه بشيء من لوازمه، وهو اليد، ويصح أن يكون في التركيب استعارة تمثيلية.