مُصِيبَةٌ: ما أصابهم يوم أحد من الهزيمة وقتل سبعين من المسلمين. أَنَّى هذا أى: من أين لنا هذا؟ وهو تركيب يفيد التعجب الْجَمْعانِ: جمع المسلمين وجمع المشركين. فَادْرَؤُا: فادفعوا عن أنفسكم ...
لما حكى الله قولهم واتهامهم النبي صلّى الله عليه وسلّم المعصوم من كل عيب وخطأ أردف هذا ببيان خطئهم فيما قالوا وفعلوا يوم أحد!
[المعنى:]
يقول- سبحانه وتعالى- منكرا لقولهم هذا رادّا لفعلهم وأنه لا يليق: أفعلتم ما فعلتم وفشلتم وتنازعتم وعصيتم أمر رسولكم، ولما أصابتكم مصيبة في أحد قد أصابهم ضعفاها يوم بدر- وذلك أنهم قتل منهم في أحد سبعون، وقد قتلوا يوم بدر من المشركين سبعين وأسروا سبعين- قلتم أيها المنافقون حين هزمتم في أحد: من أين لنا هذا؟!! تعجبا، أى: من أين جاءت لنا هذه المصائب كأنهم فهموا أن النصر دائما في جانب المسلمين مهما خالفوا وعصوا أوامر الدين.
وللأسف توجد فئة من المسلمين يفهمون مثل هذا الفهم ويعتقدون أن الله ناصر المسلمين وإن خالفوه وعصوا رسوله فالله- سبحانه- ينكر عليهم تعجبهم قائلا: إن كنتم هزمتم في أحد فقد هزمتم المشركين في بدر على أن هزيمتكم في أحد أنتم سببها قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ واعلموا إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فلم يكن هناك شيء خارج عن قدرته ولكنه- سبحانه- لحكم هو يعلمها- وقد صرح القرآن ببعضها- أراد لكم هذا المصير في غزوة أحد، وما أصابكم يوم التقى الجمعان في أحد، فبإذن الله وإرادته وتقديره لأن كل شيء في الوجود خاضع لإرادته وحكمته.
وقد حصل هذا، ليعلم الله المؤمنين، ويتميزوا عن غيرهم فيعرفوا أنفسهم، والمراد: تحقيق إيمان الذين آمنوا وظهوره في الخارج.
وكذا يتحقق نفاق الذين نافقوا منكم فقد كانوا حينما خرجوا من المدينة إلى أحد ألف مقاتل ثم رجع عبد الله بن أبىّ ومن معه من المنافقين في الطريق وكانوا ثلاثمائة