للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً

؟ وقد بعث الله إليهم هودا، وكان من أوسطهم نسبا، وأشرفهم حسبا، وقد دعاهم إلى عبادة الله، فكفروا وعصوا وأفسدوا في الأرض، فأمسك الله عنهم القطر، وأرسل إليهم ريحا فيها عذاب أليم. تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّها فَأَصْبَحُوا لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ كَذلِكَ نَجْزِي الْقَوْمَ الْمُجْرِمِينَ [سورة الأحقاف آية ٢٥] .

[المعنى:]

وأرسلنا إلى عاد أخاهم هودا، وهو واحد من أنفسهم! ليفهموه، ويفهم منهم، ويعرفوا شمائله وأخلاقه، فيكون ذلك أقرب إلى تصديقه.

ماذا قال لهم؟ قال: يا قوم اعبدوا الله وحده، لا تعبدوا غيره، فما لكم من إله غيره، أعميتم فلا تتقون ربكم؟ وتبتعدون عما يسخطه من الشرك والمعاصي، ولعله قال في مرة أخرى: أَفَلا تَعْقِلُونَ؟ كما في سورة هود.

وماذا قالوا له؟ قال الملأ الذين كفروا من قومه خاصة: إنا لنراك في سفاهة وحماقة، خفة وسخافة عقل حيث تهجر دين قومك إلى دين آخر، مهما كان ذلك الدين، عجبا لهم!! حيث جعلوا السفاهة ظرفا له للإشارة إلى تمكنه فيها، كما قال قوم نوح: إنا لنراك في ضلال مبين، وقالوا له: إنا لنظنك ونعلم أنك واحد من الكاذبين الذين يكذبون على الله!! ماذا أجابهم هود؟ قال: يا قومي ويا أهلى، ليس بي سفاهة ولا حماقة، حيث دعوتكم إلى دين التوحيد الخالص، والعبادة الصادقة، ولكني رسول من رب العالمين، قد اختارني الله لأداء هذه المهمة واللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الأنعام ١٢٤] وفي إجابته- عليه السلام- لهم، حيث نفى عن نفسه السفاهة فقط ولم ينسبها لهم- مع أنهم أضل الناس، وأسفه الناس، بل وأحقر الناس- أدب حسن، وخلق عظيم، صنعه الله على عينه، ليكون مثلا أعلى يحتذيه عباده الصالحون، يا قوم أنا رسول رب العالمين، مهمتى أبلغكم رسالات ربي، في التكاليف وأمور الدين، وأنا لكم ناصح أمين كما عرفتموني من قبل، ما كذبتكم في شيء فكيف أكذب على الله؟

<<  <  ج: ص:  >  >>