هَوْناً المراد متواضعين بسكينة ووقار سَلاماً أى: خيرا من القول يَبِيتُونَ كل من أدركه الليل فقد بات وإن لم ينم غَراماً لازما لا يفترق يَقْتُرُوا القتر والإقتار والتقتير البخل، وهو ضد الإسراف قَواماً بفتح القاف: العدل والاستقامة، وبالكسر: ما يدوم عليه الأمر ويستقر.
وهذا بيان لصفات المؤمنين بعد ما تكلم على الكفار والمشركين، وبين أعمالهم واعتقادهم وما هم فيه، وما ينتظرهم من جزاء فكان ختاما للسورة على أتم ما يكون وأحسنه، وقد وصف الله المؤمنين هنا بتسع صفات، كلها ترجع إلى صفة الشخص وخلقه، وقد تعرض القرآن الكريم إلى صفات المؤمنين في عدة مواضع لاعتبارات مختلفة، فمرة يذكرهم كجماعة وأمة، ومرة كأفراد عاملين، وأخرى يذكر صفاتهم وأخلاقهم كما هنا- إن شئت فارجع إلى الآيات من سورة التوبة، والآيات ٤٠، ٤١ من سورة الحج، وكذا أول سورة المؤمنون إلى آخر ما مضى وما مر عليك.
[المعنى:]
وعباد الرحمن- وهم المؤمنون حقا- الذين يفعلون كيت وكيت ... أولئك يجزون الغرفة بما صبروا، يلقّون فيها تحية وسلاما.
والعبودية للرحمن، أعلى صفة للإنسان: بل أعطيت لأكرم الرسل وخاتم الأنبياء صلّى الله عليه وسلّم انظر إلى قوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ، تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ فدل ذلك على أن هذه الصفة من أشرف صفات المخلوقات، ولا تعطى إلا للمشتغلين بالعبودية حقا، وإلا فالكل عبد الله.
١- الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً.. هم الذين يمشون في نهارهم مع الناس ويعاملونهم برفق ولين، ويمشون في سكينة ووقار، وخضوع وتواضع من غير أشر ولا بطر، ولا عجب ولا كبر، ولا يفسدون، ولا يتكبرون، ولا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا، وليس المراد أنهم يمشون كالمرضى تصنعا ورياء، وقد كان النبي صلّى الله عليه وسلّم إذا مشى كأنما ينحط من صبب. أى: مرتفع.