وأصل الجؤار رفع الصوت بالتضرع كما يفعل الثور، ومنه الجؤار كالخوار تَنْكِصُونَ ترجعون وراءكم، والمراد أنهم يعرضون عن الحق سامِراً السامر والسمار الجماعة يتحدثون بالليل وأصله مأخوذ من السمر وهو ظل القمر تَهْجُرُونَ قوله: تهجرون من أهجر إذا نطق بالفحش، وقرئ تهجرون من هجر المريض إذا هذى والمراد يتكلمون بالهوس وسيئ القول في القرآن والنبي جِنَّةٌ جنون خَرْجاً أجرا ورزقا.
قد تكلم القرآن عن المؤمنين وصفاتهم ثم ذكر حكمين يتعلقان بالعمل العام وبعد هذا عاد فوصف المؤمنين بصفات أخرى، ثم تكلم عن الكفار وناقشهم وبين أعمالهم، وسببها، مفندا آراءهم ردا على كل شبهة.
[المعنى:]
يقول الحق- تبارك وتعالى-: هؤلاء المؤمنون المخلصون الذين وصفوا بتلك الصفات الأربع هم من هذا الوجل والخوف كالمتحيرين المفكرين تفكيرا عميقا في أعمالهم: أهي مقبولة أم مردودة؟ لأنهم يفهمون أن أعمالهم مهما كان فيها من إخلاص فهي دون الواجب عليهم، ولهم أعمال دون ذلك، نعم ولهم- أيضا- من النوافل والصدقات وأعمال البر التي سيعملونها في المستقبل ما هو دون تلك المرتبة.
وأما قوله: حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب فهذا وصف للكفار قطعا و (حتى) هذه ابتدائية أى: يبتدأ بها كلام جديد.
وهذا رأى حسن، وتأويل مستساغ، وقيل: إن هذا الكلام كله في الكفار ولا شك أنهم في غمرة وحيرة وضلال من هذا الذي بيناه في القرآن أو من هذا الذي وصف به المؤمنون المشفقون، ولهؤلاء الكفار أعمال دون ذلك أى: سوى ذلك الكفر