للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم تردون بعد هذا كله إلى عالم الغيب والشهادة، الذي يعلم السر وأخفى، فينبئكم ويجازيكم على أعمالكم وسرائركم.

والنفاق أخو الكذب. لذلك تراهم يؤكدون اعتذارهم بالأيمان الكاذبة إذا رجعتم إليهم، يفعلون هذا لتعرضوا عنهم، وتصفحوا فلا توبخوهم، ولا تؤنبوهم على قعودهم مع الخوالف من النساء والصبيان فأعرضوا عنهم إعراض إهانة واحتقار، لا إعراض صفح وأعذار وذلك لأنهم رجس وقذارة، وأعمالهم دنس ووساخة، ومأواهم جهنم، جزاء بما كانوا يكسبون.

وهم لجهلهم بحقيقة أنفسهم وما عملوا، ولعدم إدراكهم الأمور على وجهها الصحيح لم يقنعوا بالإعراض عنهم، بل يحلفون لكم أحرج الأيمان لترضوا عنهم، وتعاملوهم كما كنتم أولا، كان جل همهم معاملتكم أنتم يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ

«١» ولقد صدق الله لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ «٢» ولو كان هؤلاء مؤمنين حقا لكان منتهى همهم إرضاء الله ورسوله، وإذا كان هذا شأنهم فإن ترضوا عنهم فرضا وقد أعلمكم الله حالهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين عن أمره الخارجين عن دينه، وهؤلاء قد خرجوا عن أمره ودينه فاستحقوا هذا الجزاء من الله.

كيف كان الأعراب [سورة التوبة (٩) : الآيات ٩٧ الى ٩٩]

الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُوا حُدُودَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٩٧) وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٩٨) وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ قُرُباتٍ عِنْدَ اللَّهِ وَصَلَواتِ الرَّسُولِ أَلا إِنَّها قُرْبَةٌ لَهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٩٩)


(١) سورة النساء الآية ١٠٨.
(٢) سورة الحشر الآية ١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>