حَنِيذٍ مشوى يقطر دهنا نَكِرَهُمْ المراد: نكر ذلك منهم وَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً أحس منهم خوفا في نفسه يا وَيْلَتى أى: يا ويلي وهلاكي عَجُوزٌ عقيم الرَّوْعُ الخوف والرعب أَوَّاهٌ كثير التأوه مما يسوء ويؤلم.
ذكر إبراهيم- عليه السلام- في القرآن الكريم كثيرا، فذكر مع أبيه وقومه ومع بشارته ولديه إسماعيل وإسحاق، وذكر مع إسماعيل خاصة، وذكر مع الملائكة مبشرين له بإسحاق ويعقوب مخبرين له بهلاك قوم لوط كما هنا.
[المعنى:]
وتالله لقد جاءت رسلنا من الملائكة قيل: هم جبريل وميكال وإسرافيل وقيل غير ذلك والأفضل التفويض إلى الله، فالله أعلم بذلك ورسوله، ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى بعد التحية منهم وقيام إبراهيم بواجب الضيافة.
فلما دخلوا عليه قالوا: سلاما عليك: قال عليكم سلام الله، ترى أنه حياهم بأحسن من تحيتهم إذ من دقائق اللغة العربية أن قولك عليك سلام أبلغ من أسلم سلاما، فما مكث ولا أبطأ في أن جاء بعجل سمين مشوى ينقط دهنا، لونه أحمر، لذة للآكلين فقربه إليهم وقال: ألا تأكلون؟ فلما رأى أيديهم لا تصل إلى الأكل أنكر ذلك ووجده على غير ما يعهد في الضيفان. فإن الضيف لا يمتنع من الأكل إلا لريبة فيه أو قصد سيئ، وأحس في نفسه منهم خوفا وفزعا إذ تبين أنهم ليسوا بشرا، وقد يكونون ملائكة نزلت لتنفيذ عذاب واقع.
فلما رأوا منه ذلك قالوا له: لا تخف ولا يساورك شك فينا، إنا رسل ربك أرسلنا إلى قوم لوط الذين بغوا واعتدوا، لا نريد بك شرا، ونحن مبشروك وأهلك بغلام عليم يحفظ نسلك ويبقى ذكرك ويلد يعقوب، ومن ذريته أنبياء بنى إسرائيل، وكانت امرأة إبراهيم قائمة على خدمتهم سامعة حوارهم فضحكت تعجبا مما رأت وسمعت أو سرورا من هلاك قوم لوط أو من البشرى لها بولد صالح، ولعل البشرى كانت بعد الضحك بدليل العطف بالفاء.