واذكر يا محمد وقت أن نادى ربك موسى، وهو بالوادي المقدس طوى والمراد ذكر ما حصل في الوقت من عجائب وأحوال، ولقد ناداه ربك بكلام هو أعلم بكيفيته، والمهم أن موسى عرف ما ناداه به ربه، وقام بما كلفه خير قيام، ناداه، وقال له: أئت القوم الظالمين، قوم فرعون فإنهم ظلموا أنفسهم بالشرك، وظلموا بنى إسرائيل حيث أذاقوهم العذاب الأليم، ألا يتقون هؤلاء الناس؟ ألا يخافون بطش العزيز الجبار؟!! يوم لا ينفع مال ولا بنون.
قال موسى: يا رب إنى أخاف أن يكذبوني ويضيق صدري بما يعملون، ولقد عشت بعيدا عن مصر مدة من الزمن فضعفت لهجتى المصرية، فلا ينطلق لساني بها، وأخى هارون هو أفصح منى لسانا، وأقوى بيانا، ولهم على ذنب، فإنى قد قتلت قبطيا قبل خروجي من مصر، لهذا وذاك فإنى أخاف أن يقتلوني، قال الله- سبحانه وتعالى- كَلَّا لن يصيبك شيء أبدا، فالله معك، وناصرك أنت وأخيك، فاذهبا إلى فرعون وملئه بآياتنا ومعجزاتنا، إنا معكم، ولن نترككم لحظة، فالله سميع بصير، لا تخفى عليه خافية.
فأتيا فرعون. فقولا له: إنا رسولا رب العالمين لك ولقومك، فأرسل معنا بنى إسرائيل ليعبدوا ربهم في البرية، ولا تعذبهم يا فرعون ... قد جئناك بآية من ربك، والسلام على من اتبع الهدى.
طلب موسى من فرعون، أن يرسل معه بنى إسرائيل ليذهب بهم إلى فلسطين قال له فرعون: يا موسى: كيف تجيء بدين يخالف ديننا، وتأتى بأمور على غير رغبتنا؟! ألم نربك فينا وليدا؟ وقد لبثت بين يدينا في بيت الملك مدة من الزمن نحتضنك ونربيك؟ فكيف يصدر هذا منك؟، ومتى كان هذا الذي تدعيه؟ والمراد قر واعترف بأنا ربيناك، ومكثت عندنا وفي بيتنا عددا من السنين، ثم ذكره بفعلة فعلها قبل خروجه من مصر فقال له: قر واعترف بأنك فعلت فعلتك التي فعلتها، وهي قتل القبطي، فعلتها وأنت من الكافرين بقتل نفس بغير حق.
ومن كان هذا وصفه بأن ربي في بيت فرعون، وكان الأليق به ألا يأتى بشيء على غير رغبته ردّا للجميل، ومن قتل قبطيّا، وارتكب مثل هذا الذنب لا يضيف