للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثقيلة واسمها ضمير الشأن، واللام بعدها هي الفارقة لَتُرْدِينِ الإرداء: الإهلاك نِعْمَةُ رَبِّي: عصمته وتوفيقه الْمُحْضَرِينَ: الذين أحضروا العذاب وذاقوه.

ما مضى كان في شأن الكفار وجزائهم، وقد حكم الله عليهم بأنهم لذائقو العذاب الأليم، وما يجزون إلا بما كانوا يعملون.

لكن عباد الله المخلصين لهم جنات الخلد، فيها ينعمون بنعيم دائم مقيم، ولعل ذكر هؤلاء وهؤلاء وجزاء كل متجاورين أدعى للتأثير. وأبلغ في إظهار الفرق جليا للناس لعلهم يعتبرون.

[المعنى:]

إنكم أيها الناس لذائقو العذاب الأليم إلا عباد الله الصالحين في عبادتهم الذين أخلصهم الله لطاعته، وحباهم بتوفيقه وهدايته، أولئك لهم رزق معلوم كنهه، معروف بطيب الطعم والرائحة، وجمال المنظر وحسن المخبر، هذا الرزق المعلوم فسر «١» بالفواكه وهي كل ما يؤكل تلذذا ولا يؤخذ تقوتا إذ ليسوا في حاجة إلى ما يقيتهم.

وهذا الرزق المعلوم، والفواكه الطيبة يأكلها أصحابها في حال أنهم مكرمون ومعظمون، وهذا النعيم الروحي بعد النعيم الجسماني وليس أكمل عند النفس، ولا أفضل عند الإنسان من التكريم مع الإكرام. لا سيما إذا كان ذلك في جنات خلقت للنعيم المقيم، والمتاع الدائم.

وهم فيها على سرر متقابلون، والتقابل أتم للسرور، وآنس للنفس، فلا خصام ولا جدال، بل الوجوه متقابلة، والصدور منشرحة، وهم في مجالسهم يطاف عليهم بخمر في صحاف من ذهب، ويطوف بها عليهم غلمان كأنهم لؤلؤ مكنون، يطاف عليهم بخمر من معين، موصوفة بأنها بيضاء لذيذة للشاربين، هذه الخمر ليست كخمر الدنيا التي فيها السكر والعربدة، والقيء، وإثارة الشهوة الحيوانية، وهلاك النفس والمال وضياع الشرف والكرامة.


(١) - وهذه إشارة إلى أن فواكه تعرب بدلا أو عطف بيان للرزق.

<<  <  ج: ص:  >  >>