للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إنما ينتفع بإنذارك الذين يتبعون الذكر، أى: القرآن، ويخشون بالغيب الرحمن، وعلى هذا فالآية تفيد أن المنتفع بالذكر طبقة خاصة، وأما الإنذار العام فالنبي مكلف به سواء اتبعه فيه بعض الناس أم لا، فلا تعارض بين الآية وعموم الرسالة وعموم الإنذار للجن والإنس.

حقا لا ينتفع بالإنذار إلا من طرق قلبه ذكر القرآن، وخشي الرحمن بالغيب، أما تلك القلوب المغلقة، والنفوس الميتة التي لا تؤمن إلا بالمادة وأحوالها فلا يمكن أن ينتفعوا بالإنذار، فبشر- كما أنذرت- من اتبعك وانتفع بك بمغفرة واسعة وجنة عرضها السموات والأرض، وبأجر على ذلك كريم.

وإذا سأل سائل عن وقت تحقيق البشارة والنذارة؟ فالجواب: إن ربك يحيى الموتى ليجازى الكل، ويحقق ما وعده من البشارة وضدها، والله يكتب ويحصى ما قدمه الناس وما أخروه من كافة الأعمال، وهو يكتب آثارهم، فآثار المرء التي تبقى وتذكر بعده من خير وشر يجازى عليها، فالآثار الحسنة من علم ينتفع به، أو تكوين جيل تغرس فيه معاني الإسلام غرسا صحيحا، أو تأسيس بناء نافع كمسجد أو مستشفى، أو عمل خيرى باق.

والآثار السيئة: كدعوة في كتاب أو مقالة تدعو إلى السوء وإلى التحلل في الأخلاق نرى من بعض كبار الكتاب في مصر يصفون لياليهم الحمراء العابثة، وهم في موضع يقلدهم فيه الشباب المغرور بهم، وكاختراع ألحان أو تأسيس ملاه أو عمل على نشر السوء بأى وسيلة من الوسائل العامة أو الخاصة، تلك هي الآثار النافعة والآثار السيئة الضارة، وكل شيء فعلوه في الزبر، وكل صغير وكبير مستطر. وكل شيء من هذا كله أحصاه ربك في كتاب مبين ظاهر، وسيجازى عليه.

قصة أصحاب القرية [سورة يس (٣٦) : الآيات ١٣ الى ٢٩]

وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلاً أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ (١٣) إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ (١٤) قالُوا ما أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنا وَما أَنْزَلَ الرَّحْمنُ مِنْ شَيْءٍ إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ (١٥) قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ (١٦) وَما عَلَيْنا إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (١٧)

قالُوا إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ (١٨) قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (١٩) وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى قالَ يا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ (٢٠) اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُهْتَدُونَ (٢١) وَما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٢)

أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ (٢٣) إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٤) إِنِّي آمَنْتُ بِرَبِّكُمْ فَاسْمَعُونِ (٢٥) قِيلَ ادْخُلِ الْجَنَّةَ قالَ يا لَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ (٢٦) بِما غَفَرَ لِي رَبِّي وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُكْرَمِينَ (٢٧)

وَما أَنْزَلْنا عَلى قَوْمِهِ مِنْ بَعْدِهِ مِنْ جُنْدٍ مِنَ السَّماءِ وَما كُنَّا مُنْزِلِينَ (٢٨) إِنْ كانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحِدَةً فَإِذا هُمْ خامِدُونَ (٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>