قال إبراهيم لما علم أنهم رسل الله حقا: ما شأنكم الخطير وما خبركم؟ قالوا: إنا أرسلنا إلى قوم لوط، وهم قوم مجرمون كذبوا لوطا وعصوا أمر ربهم فحقت عليهم الكلمة، إنا أرسلنا إلى هؤلاء لنقلب قراهم رأسا على عقب، ونجعل عاليها سافلها، ونرسل عليهم حجارة من طين، معلمة من عند الله، ومعدة من عنده لهؤلاء القوم المسرفين المتجاوزين الحدود.
ثم قاموا من عند إبراهيم، وجاءوا لوطا، فضاق بهم ذرعا لأنه أنكرهم أول الأمر، وقال: هذا يوم عصيب، قالت الملائكة: يا لوط إنا رسل ربك جئنا لإنقاذك من هؤلاء الظالمين فأسر بأهلك في ظلام الليل، ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم، وإن موعدهم الصبح، وليس الصبح ببعيد، فباشرت الملائكة ما أمروا به.
وأخرجوا من كان في القرى من المؤمنين، فما وجدوا فيها غير بيت من المسلمين، وهو بيت لوط، وجاء الصبح، وقد جعلوا عاليها سافلها، وأمطروا عليهم حجارة من سجيل، مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين أمثالهم ببعيد، فانظروا يا آل مكة أين أنتم من قوم لوط؟ واعتبروا بما حل بهم، وما ربك بظلام العبيد.
وهذه أمثال يضربها الحق تبارك وتعالى للطغاة المتكبرين، والكفار الظالمين، لعلهم يثوبون لرشدهم، ويكفون عن تكذيبهم وكفرهم بما يجب الإيمان به وخاصة يوم البعث.
[المعنى:]
وجعلنا في قصة موسى عبرة وعظة، إذ أرسلناه «١» إلى فرعون بمعجزات ظاهرة، وآيات بينة كالعصا وغيرها فتولى بركنه، أعرض عن الإيمان مصاحبا قومه معتزا بهم، وقال: إن موسى ساحر أو هو مجنون، فأخذه ربك أخذ عزيز مقتدر، أخذه هو وجنوده فنبذه في اليم نبذ النواة بلا مبالاة ولا اعتداد به، والحال أنه أتى من أفعال الكفر والطغيان ما يلام عليه، فهو مليم بهذا المعنى.
وفي قصة عاد آية كذلك إذ أرسل ربك إليهم أخاهم هودا يدعوهم إلى الإيمان