لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ: لا جبر ولا إلجاء على الدخول في الدين. الرُّشْدُ:
رشد يرشد رشدا إذا بلغ ما يجب، والرّشد: الهدى، ومثله الرشاد مستعمل في الخير، وضده الغىّ، يقال: غوى يغوى: إذا ضل في معتقد أو رأى. بِالطَّاغُوتِ من الطغيان: مجاوزة الحد في الشيء، ويطلق على الشيطان، وعلى كل ما يعبد من دون الله لأنه أساس الطغيان ومجاوزة الحد. بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى العروة من الدلو والكوز: المقبض، ومن الشجر: الملتف، والوثقى: مؤنث الأوثق، وهو ما يعول الناس عليه عند المحل والأقرب أن يراد بالعروة الوثقى الشجر الملتف فهي التي لا ينقطع مددها عند القحط والجدب. لَا انْفِصامَ لَها: لا انقطاع لها. وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا: يتولى أمورهم بالرعاية والعناية.
[سبب النزول:]
روى أن أبا الحصين من بنى سالم بن عوف كان له ابنان فتنصرا قبل مبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم ثم قدما إلى المدينة فلزمهما أبوهما وقال: لا أدعكما حتى تسلما، فاختصما إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم وقال أبوهما: أيدخل بعضى النار وأنا أنظر؟ فنزلت الآية، فخلّى سبيلهما.
[المعنى:]
بعد ذكر هذه الصفات الجليلة التي لا تكون إلا لله الواحد الأحد والنعوت الموجبة للإيمان به وحده، لا يصح أن يكون هناك إلجاء وقسر على الدخول في الدين أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (٩٩ من سورة يونس) ، الآن حصحص الحق وظهر، وتبين الرشد من الغي ووضح، فلا إكراه ولا إلجاء لأن الإيمان اعتقاد قلبي ولا سبيل لأحد على قلوب الناس وقد وضحت الآيات الدالات على صدق محمد صلّى الله عليه وسلّم فيما يدعيه عن ربه، فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، فقولهم: إن الإسلام قام بالسيف دعوى باطلة إذ المسلمون قبل الهجرة كانوا يخفون صلاتهم ولا يقدرون على مجاهرة الكفار، وقد نزلت هذه الآية بعد الهجرة بثلاث سنين تقريبا وهي تثبت أنه لا إكراه في الدين.