كان الكلام إلى هنا في المنافقين والكفار من أهل الكتاب، وبعد هذه الآيات رجع القرآن إلى الكلام عليهما، وكل ذلك بذكر عيوبهم والتعرض لسوءاتهم، حتى يقف المسلمون عليها فيبعدوا عنها وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلُ فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ «١» وقد جاءت هاتان الآيتان في الوسط، لإرشاد المسلمين إلى أن الجهر بالسوء لا بأس به. وخاصة بعد أن تعرض القرآن الكريم لإذاعة السوء عن الكفار، وسنعرف أن الجهر بالسوء فيه خطر على الأمة والفرد.
[المعنى:]
لا يحب الله الجهر بالسوء حالة كونه من القول لأنه يؤجج نيران العدوان، ويولد البغضاء والكراهية، ولا تنس أنه يؤثر في نفوس السامعين تأثيرا سيئا من ناحية تقليد صاحبه في إذاعة السوء، وتقليد نفس السوء الذي يحكى للناس وهذا أمر مسلّم به ومعروف.
لا يحب الله الجهر بالسوء من القول إلا إذا كان صادرا من مظلوم، إذ له بالطبع أن يشكو ظلمه للناس، ويشرحه للقضاء لعله ينصفه، ودعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب، ويقول الله: وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين.