للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المفردات:]

كَلِمَتُنا: وعدنا وَأَبْصِرْهُمْ: دلهم وأخبرهم عن أشياء كأنها مرئية بِساحَتِهِمْ: بدارهم والساحة في اللغة: فناء الدار الواسع.

[المعنى:]

لما هدد الله الكفار، وأوعد المشركين وأنذرهم بسوء العاقبة أكد بما يقوى قلب النبي صلّى الله عليه وسلّم وجنده ويشد من عزيمته هو وصحبه.

وتالله لقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين، وبالله سبق وتحقق وعدنا لهم بالنصر والغلبة حيث يقول الحق- تبارك وتعالى-: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي «١» .

وما المراد بالوعد المدلول عليه بقوله: كلمتنا؟ هو: إنهم لهم المنصورون وإن جندنا لهم الغالبون «٢» والنصرة والغلبة تكون بالحجة والبرهان، أو بالسيف والسنان، وإقامة الدولة وكمال السلطان، فالمؤمن وإن غلب في بعض الأوقات بسبب بعده عن دينه، وضعف نظامه العام وسلوكه في دولته فهو الغالب بالحجة والبرهان، على أن الله يتكلم عن المسلمين حقا الحاكمين بكتابه العاملين بسنة رسوله المتمسكين بما يدعو إليه الدين والقرآن من العمل والجد والنشاط والاستعداد بدليل إضافة الجند له- سبحانه وتعالى- هؤلاء المنصورون وهم الغالبون، وعلينا أن ننظر أين نحن من هؤلاء! وإذا كان الأمر كذلك يا محمد فتول عن الكفار إلى حين، وأعرض عنهم إلى زمن معلوم، وأبصرهم مما ينزل عليهم من العذاب كالقتل والأسر، وبصرهم عاقبة ذلك وأرشدهم إلى أن هذا واقع لا محالة حتى كأنه مشاهد محسوس يدرك بالبصر، أبصرهم فسوف يبصرون كل ما وعدتهم به.

وقد كانوا يستعجلون العذاب الذي يهددهم به الله- سبحانه وتعالى- فيرد الله عليهم بقوله: أفبعذابنا يستعجلون؟


(١) - سورة المجادلة آية ٢١.
(٢) - وهذا إشارة إلى أن قوله: «إنهم لهم المنصورون» بدل من «كلمتنا» التي هي تفسير لها، أو هو استئناف بيانى.

<<  <  ج: ص:  >  >>