لوط بن هارون- أخ إبراهيم- عليه السلام- آمن بعمه ورحل معه واهتدى بهديه، ثم أرسله الله إلى أهل سدوم في قطاع الأردن، وكانوا قوما ذوى خلق سيئ، وشرك بالله فقال لهم: ألا تتقون، إنى لكم رسول آمين فاتقوا الله وأطيعون، وما أسألكم عليه من أجر إن أجرى إلا على رب العالمين، يا قوم: أتأتون الذكران في أدبارهم، وتتركون ما أحله الله وأعده لذلك وهو فروج أزواجكم فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ [سورة البقرة آية ٢٢٢] بل أنتم قوم عادون ومتجاوزون الحدود المعقولة.
قالوا يا لوط. كيف تنهانا عن عملنا هذا؟ لئن لم تنته يا لوط عن هذا لتكونن من المخرجين من قريتنا، قال لهم: إنى لعملكم هذا من القالين المبغضين، فإنه عمل يتنافى مع الإنسانية، بل ترتفع عنه الحيوانات البهيمية.
فلما استمروا على عملهم، ونفد صبره معهم، ولم تنفعهم مواعظه دعا عليهم، وقال: رب نجنى وأهلى مما يعملون، فإن عمل هؤلاء مدعاة لسخطك، ومباءة لعقابك.
فنجيناه وأهله أجمعين إلا عجوزا في الغابرين، وهي امرأته لم تكن مؤمنة معه، وكانت تحب القوم الكافرين، وتنقل إليهم الأخبار، ولذا كانت من الهالكين، ثم دمرنا وأهلكنا القوم الآخرين الذين فعلوا المنكرات، وكفروا بالذي خلقهم، ولم يؤمنوا برسله، وأمطرنا عليهم مطرا، فبئس مطر المنذرين المهلكين.
إن في ذلك لآية وعبرة حيث أهلك العصاة المذنبين، ونجى المؤمنين الصالحين، ولم ينفع امرأة لوط قربها وصلتها به بل كل امرئ بما كسب رهين، وما كان أكثرهم مؤمنين، وإن ربك لهو العزيز الرحيم.