أَعْقابِنا: جمع عقب، وهو مؤخر الرجل، ويقول العرب فيمن أحجم بعد إقدام: رجع على عقبيه ونكص، وارتد على عقبه ورجع القهقرى، ثم صار يطلق على كل تحول مذموم. اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ: ذهبت بعقله وهواه، وكانت العرب تزعم أن الجنون من تأثير الجن. حَيْرانَ: تائها ضالا عن الجادة لا يدرى ما يصنع. الصُّورِ: القرن، وهو كالبوق ينفخ فيه فيصعق من في السموات والأرض، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون!
[المعنى:]
قل لهم يا محمد: أتدعو من دون الله ما لا ينفعنا إذا دعوناه، ولا يضرنا إذا تركناه، وكيف نرد على أعقابنا، ونترك ديننا بعد إذ أسلمنا لله ربنا؟! أنعود إلى الكفر والشرك والضلال بعد الإسلام والهدى والنور؟ أنعود إلى ملة الكفر بعد إذ هدانا الله، ووفقنا إلى صراط مستقيم صراط الله العزيز الحكيم! إن هذا لشيء عجيب.
إننا إذا فعلنا ذلك كنا كالذي استهوته الشياطين وذهبت بعقله، وأطارت صوابه ولبّه، وأصبح حيران تائها لا يدرى كيف يسير، والحال أن له أصحابا يدعونه إلى الطريق الحق ويقولون له: ائتنا، ولكن أين هو منهم؟ فقد ختم على قلبه وجعل على بصره غشاوة، فمن يهديه من بعد الله؟
نعم، من يرتد مشركا والعياذ بالله بعد إيمانه كمن أصبح هائما على وجهه، لا يلوى على شيء تاركا رفاقه على الطريق الحق وهم ينادونه: الهدى والفلاح والخير والرشاد والطريق الحق هنا. عد إلينا فلا يستجيب لهم لانغماسه فيما يضره ولا ينفعه، وفيما ظن أنه خير والواقع أنه شر.