يا أيها الذين آمنوا: كونوا من أصحاب النفوس الطيبة والأرواح العالية الذين يتقنون أعمالهم، ويخلصون فيها إخلاصا لله ولرسوله، سواء منها الأعمال الدينية والدنيوية، فإن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا، والإتقان والإخلاص أساس النجاح، وأما الشهادة بالقسط وتحرى العدل فهي الدعامة الأولى لسعادة الأمم، وبناء المجتمع وانتشار الطمأنينة، وانصراف كل إلى عمله.
وأنت إذا لم تحاب أحدا في شهادتك، وقمت بها عادلا. لم تراع قرابة ولا صداقة ولم تخش في قول الحق لومة لائم، ولم تحملك عداوة قوم لك ولا بغضهم على الجور وعدم العدل، كنت من القوامين لله والشهداء بالقسط ولو على أنفسهم.
فالعدل العدل!!! فهو أقرب طريق إلى التقوى، والخلوص من المهالك والمعاصي، واحذروا عقاب الله فإنه بكم خبير وبعملكم بصير، وسيجازيكم عليه إن خيرا فخير، وإن شرا فشر.
فهذه الآية الكريمة والآية التي تقدمت في سورة النساء كلاهما يعالج داء خطيرا من أكبر الكبائر وهو كتمان الشهادة، وشهادة الزور، والله قد وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات مغفرة وأجرا عظيما لا يقدر قدره ولا يعرف كنهه إلا هو سبحانه وتعالى.
وأما الذين كفروا، وكذبوا بآيات الله الكونية، وآياته المنزلة على رسله مع العلم بأن من يؤمن بالبعض ويكفر بالبعض فقد كفر بالكل، فهؤلاء أصحاب النار الملازمون لها، وهي بئس المأوى وبئس المصير.
يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعم الله عليكم التي لا تحصى، ومن نعمه السابغة أن دفع عنكم كيد أعدائكم ورده في نحورهم، على كثرتهم وقوتهم، وضعفكم وقلتكم، وقد هموا وعزموا بل وأنفقوا جهدهم أن يمدوا إليكم أيديهم وألسنتهم بالسوء ولكن الله مؤيد رسله وناصر دينه ومتمّ نوره ولو كره الكافرون، ولقد صدق الله وعده، ونصر عبده، وأعز جنده وهزم الأحزاب وحده!!! وقد روى في أسباب النزول لهذه الآية روايات كثيرة كلها تدور حول رجل هم بقتل