ونادى أصحاب الجنة قائلين: يا أصحاب النار يا أهل الكفر والفسوق والعصيان والضلال والبهتان، إن الحال والشأن قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا ولقد جاءت رسل ربنا بالحق، وصدق الله وعده. فهل وجدتم ما وعدكم ربكم من العذاب والألم؟ هل وجدتموه حقا؟ قالوا: نعم وجدنا ما وعدنا به ربنا على الكفر، فهذه هي النار تتميز غيظا وتقول: هل من مزيد؟
فأذّن مؤذن بينهم بحيث سمع صوته أصحاب النار وأصحاب الجنة، أذن قائلا: ألا لعنة الله على الظالمين، الذين ظلموا أنفسهم بعد الإيمان، وهم الذين يصدون عن سبيل الله بغيا وعدوانا، ويطلبونها معوجة غير مستقيمة، حتى ينفر الناس منها، ويبتعدون عنها وهم بالآخرة كافرون.
وبين أهل الجنة وأهل النار سور له باب، باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب، وعلى أعالى ذلك السور رجال يرون أهل الجنة وأهل النار، ويعرفون كلا بعلامته:
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ. ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ. وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ. تَرْهَقُها قَتَرَةٌ. أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ [سورة عبس الآيات ٣٨- ٤٢] هؤلاء الذين على الأعراف رجال موحدون قصرت بهم سيئاتهم عن الجنة، وتجاوزت بهم حسناتهم عن النار، وقفوا هناك حتى يقضى الله فيهم.
ونادى أصحاب الأعراف أصحاب الجنة: أن سلام عليكم طبتم فنعم أجر العاملين، وهم لم يدخلوا الجنة ولكنهم يطمعون فيها فهم بين الخوف والرجاء.
وإذا صرفت أعين أصحاب الأعراف من النظر إلى أهل الجنة إلى النظر إلى أهل النار من غير قصد قالوا: ربنا لا تجعلنا مع هؤلاء القوم الظالمين!
حوار بين أصحاب الأعراف وأصحاب النار [سورة الأعراف (٧) : الآيات ٤٨ الى ٤٩]