واتقوا الله في الأكل واللباس والنساء وغيرها فلا تحرموا ما أحل الله، ولا تحلوا ما حرم الله ظنا منكم أن هذا خير، لا بل هو تشديد في الدين لا يرضى الله ورسوله، وكذلك لا تسرفوا في التمتع، فمن جعل شهوة بطنه وفرجه أكبر همه فهو من المسرفين إخوان الشياطين، ومن أنفق أكثر من طاقته واستدان ولم يقتصد فهو من المبذرين، ومن قتّر على نفسه وبخل عليها وقد بسط الله له الرزق فهو من المعتدين المذمومين.
والناظر إلى هذه الآية الكريمة يمكنه أن يدرك أن الدين الإسلامى ينظر إلى الروح والجسد نظرة اعتبار واعتدال، «إن هذا الدين متين فأوغل فيه برفق فإن المنبتّ لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى» ، وبذا كنا أمة وسطا عدولا، وخير الأمور أوسطها، على أن تحريم الطيبات وتعذيب النفس، وإيلام الجسد عبادة مأثورة عن قدماء الهنود واليونان، قلدهم فيها أهل الكتاب خاصة النصارى. والمعروف أن سيرة الرسول صلّى الله عليه وسلّم أنه كان يأكل ما وجد، فتارة يأكل أطيب الطعام كلحوم الأنعام والطير والدجاج، وتارة يأكل أخشنه كخبز الشعير بالملح أو الزيت أو الخل، فكان صلّى الله عليه وسلّم قدوة للغنى والفقير، والصحابة والخلفاء منهم الغنى والفقير فكل ينفق على قدر حاله بلا تقتير ولا إسراف لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتاهُ اللَّهُ [سورة الطلاق آية ٧] .