الأمر ثم فسر بعد الإبهام بقوله: إن دابرهم وآخرهم مقطوع ويستأصل، أى: أنه لا يبقى منهم أحد أبدا وسينزل عليهم العذاب وهم داخلون في الصباح.
وفي هذه السورة ذكر عذابهم وهلاكهم قبل فعلهم، (والواو لا تقتضي ترتيبا) وجاء أهل المدينة (سادوم) يستبشرون بالأضياف طامعين فيهم، مؤملين أن يفعلوا معهم الفاحشة.
ولما رأى لوط ذلك فيهم قال لهم: إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون، واتقوا الله، ولا تحزون. أليس فيكم رجل رشيد يدافع عن الفضيلة!! قالوا: يا لوط أو لم ننهك عن أن تضيف أحدا من العالمين، لأنا لا يمكننا أن نمنع أنفسنا عن ارتكاب الفاحشة معهم، وقيل المعنى: أو لم ننهك عن أن تكلمنا في شأن أحد من الناس قصدناه بالفاحشة.
قال: يا قوم هؤلاء بناتي تزوجوهن فهن أطهر لكم، إن كنتم فاعلين.
أقسم الله- سبحانه وتعالى- بعمر النبي محمد صلّى الله عليه وسلّم وبحياته أن هؤلاء لفي سكرتهم وضلالهم يعمهون ويتيهون، وما علموا أن العذاب ينتظرهم وأنهم في طريق الفناء والهلاك فاعتبروا يا أهل مكة.
عقب هذا مباشرة أخذتهم الصيحة، وحلت بهم الصاخة، وقت شروق الشمس إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ فجعلنا عالى ديارهم سافلها، وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود، مسومة عند ربك، وما هي من الظالمين ببعيد.
إن في ذلك لآيات للمتوسمين المفكرين الناظرين بعين الاعتبار وأن ديارهم بطريق قومك إلى الشام فهم يرونها. فهل من مدكر؟! إن في ذلك لآية للمؤمنين الصادقين!!
أصحاب الأيكة وأصحاب الحجر [سورة الحجر (١٥) : الآيات ٧٨ الى ٨٦]