فَلا تَهِنُوا أى: فلا تضعفوا. السَّلْمِ: هو السلام والمصالحة.
يَتِرَكُمْ قال الزمخشري في تفسيره- على أنه من أئمة اللغة-: وحقيقته: أفردته من قريبه أو ماله من الوتر وهو الفرد، فشبه إضاعة عمل العامل وتعطيل ثوابه بوتر الواتر وهو من فصيح الكلام، وقال أبو عبيدة والمبرد: هذا اللفظ مأخوذ من: وترت الرجل: إذا قتلت له قتيلا من ولد أو أخذ حميم، أو سلبته ماله وذهبت به، والمراد باللفظ في الآية: لن يظلمكم، أو لن ينقصكم، أو لن يضيع عليكم شيئا من أعمالكم. لَعِبٌ وَلَهْوٌ المراد: باطل وغرور وليس فيه خير. فَيُحْفِكُمْ الإحفاء: المبالغة في الطلب. أَضْغانَكُمْ: أحقادكم.
بعد بيان أحوال الكفار والمنافقين، في الدنيا والآخرة أمر المؤمنين بطاعة الله ورسوله، وحثهم على الجهاد والبذل، وكره إليهم الدنيا، وهددهم إن لم يؤمنوا أن يستبدل قوما غيرهم ثم لا يكونوا أمثالهم.
[المعنى:]
يا أيها الذين آمنوا بالله ورسوله: أطيعوا الله وأطيعوا رسوله في كل أمر ونهى فها أنتم أولاء قد رأيتم من يشاقق الرسول وعاقبته، وإياكم أن تبطلوا أعمالكم الصالحة بالمن والأذى، ولا تحبطوها بالكفر والعصيان، أو بالسمعة والرياء، أو بالشك والنفاق، أو بالعجب والتكبر فإن ذلك كله يبطل صالح الأعمال: واعلموا أن الذين كفروا بالله ورسوله، وصدوا عن سبيل الله أنفسهم وغيرهم، ثم ماتوا وهم كفار، فلن يغفر الله لهم. قيل نزلت هذه الآية في أهل القليب، وهم المشركون الذين ماتوا في غزوة بدر، وحكمها عام في من مات على الكفر.
إذا علمتم وجوب الجهاد وتأكده، وأن الله مع المؤمنين بالنصر والتأييد، وأن الله أوعد الكافرين بالخذلان والهلاك. إذا علمتم ذلك فلا تهنوا في ابتغاء القوم، ولا تضعفوا، إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وأكثر. والوهن: حب الدنيا وكراهية الموت، فإياكم والوهن والخضوع للكفار وطلب الصلح إذا لقيتموهم، والحال