الضُّرُّ بفتح الضاد الضرر في كل شيء، وبالضم الضرر في النفس من مرض وهزال.
[المعنى:]
واذكر يا محمد أيوب وخبره الحق وقت أن نادى ربه أنى مسنى الضر ولحقني التعب والهم، وأنت يا رب أرحم الراحمين.
أما ضر أيوب الذي لحقه فالمفسرون جالوا في تحديده وصالوا، وذكر القرطبي في ذلك خمسة عشر قولا. الأول: أنه وثب ليصلى فلم يقدر على النهوض فقال: مسنى الضر: إخبارا عن حاله لا شكوى لبلائه، وهذا لا ينافي الصبر إلى آخر الأقوال التي ذكرت في تفسير الآية.
والناس يروون في بلاء أيوب أقوالا يوردونها تدل على أنه مرض مرضا مشوها ومنفرا للناس.
وهذا يتنافى مع منصب النبوة، إذ الأنبياء منزهون عن الأمراض المنفرة، ويمكن أن نفهم أن الابتلاء بهذا الشكل كان قبل النبوة فلما صبر وصابر اجتباه الله واختاره نبيا، على أن المبالغين في تصوير ضر أيوب ومرضه إنما اعتمدوا فيما يقولون على ما جاء عند أهل الكتاب في السفر المسمى «سفر أيوب» .
وبهذه المناسبة هذا السفر اختلفوا في وضعه هل هم اليهود. أو أيوب، أو سليمان، أو أشعيا، أو رجل مجهول الاسم، أو حزقيال، أو عزرا؟
واختلف أهل الكتاب في زمانه هل هو معاصر لموسى؟ أو لأزدشير، أو لسليمان أو لبختنصر، أو كان زمان قبل إبراهيم إلخ، حتى قال أحد علماء البروتستانت: إن خفة هذه الخيالات دليل كاف على ضعفها.
أما القول الحق فهو: أيوب عبد صالح امتحنه الله في ماله وأهله وولده وبدنه قصير ثم من الله عليه بالعافية، وأعطاه أكثر مما فقد، وأثنى عليه ثناء جميلا في القرآن وجعله نبيا، ولم يكن عنده المرض المنفر.