عدد آياتها تسع وعشرون ومائة وتسمى سورة براءة، والمبعثرة، والمثيرة، والمخزية، والفاضحة، والمشردة، وسورة العذاب، لما فيها من ذكر التوبة، وما فيها من التبرئة من النفاق، وما فيها من التعرض للمنافقين وكشف سترهم وما يخزيهم ويشردهم، وما فيها من نقض العهود وإرصاد العذاب للمشركين، لهذا وذلك سميت بتلك الأسماء.
وكثرة أسمائها الواردة دليل على أنها سورة مستقلة ليست جزءا مما قبلها.
وإذا كانت سورة فلم تركت البسملة في أولها؟!! أما الحكمة في ترك البسملة فالظاهر- والله أعلم- أنها نزلت لرفع الأمان، ونقض العهود مع المشركين، وفضيحة المنافقين، وهذا يتنافى مع التصدير بالاسم الجليل الموصوف بالرحمن الرحيم، وفي الكشاف: سئل ابن عينية- رضى الله عنه- فقال:
اسم الله سلام وأمان فلا يكتب في النبذ والمحاربة. وما روى عن ابن عباس في هذا فأظنه مدسوس عليه إذ لا يعقل أن يلحق النبي بالرفيق الأعلى ولم يبين للصحابة مكان هذه الآيات، فاختلف الصحابة في ذلك على أن الصحيح أن البسملة آية فذة من القرآن أنزلت للفصل والتبرك بها، وأنه لا مدخل لأحد بالمرة في إثباتها أو تركها وإنما هذا كله توقيف ووحى، ولا يعقل أن يترك ذلك النبي صلّى الله عليه وسلّم ولا يصح أن يتشكك مسلم في هذا أبدا، ولا شك في عدم نزول البسملة ها هنا بالإجماع.
[نبذة تاريخية:]
في السنة السادسة للهجرة عاهد النبي صلّى الله عليه وسلّم المشركين في الحديبية على السلم والأمان عشر سنين بشروط تساهل معهم فيها عن قوة وعزة لا عن ضعف وذلة، ودخلت قبيلة خزاعة مع النبي صلّى الله عليه وسلّم وقبيلة بنى بكر في عهد قريش، وكانت بين هاتين القبيلتين إحن قديمة وثارات موروثة فاعتدت بنو بكر على خزاعة ونقضوا عهدهم، وأعانت قريش بنى بكر بالسلاح وبالرجال فانهزمت خزاعة فكان ذلك نقضا للصلح الواقع عام الحديبية: