ولذا خرج عمرو بن سالم الخزاعي على رأس وفد إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم مستغيثين به،
فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:«لا نصرت إن لم أنصر بنى كعب»
فكان ذلك سبب عودة حال الحرب العامة وفتح مكة في السنة الثامنة.
وقد ثبت بالتجربة أن المشركين في حال القوة والضعف لا عهود لهم، ولا أمان فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ «١» إلا من عاهد واستقام أمره، هذا هو الأساس الشرعي الذي بنى عليه ما جاءت به هذه السورة من نبذ عهودهم المطلقة، وإتمام مدة عهودهم المؤقتة لمن استقام عليها منهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله.
ولما بلغ هوازن فتح مكة جمعهم أميرهم مالك بن عوف النصري لقتال المسلمين وكانت غزوة حنين في شوال في السنة الثامنة، وبعدها حاصر الطائف بضعا وعشرين ليلة ورماهم بالمنجنيق.
ثم أقام النبي صلّى الله عليه وسلّم بالمدينة بعد ذلك ذا الحجة والمحرم من السنة التاسعة وصفر وربيع الأول والآخر وجماد الأول والآخر، وخرج في رجب سنة تسع إلى غزوة تبوك وهي آخر غزوة غزاها النبي، وفيها نزلت أكثر آيات السورة الكريمة.
ولما انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم من تبوك أراد الحج ولكنه قال: يحضر البيت عراة مشركون يطوفون بالبيت فلا أحب أن أحج معهم، فأرسل أبا بكر أميرا على الحج، ثم لما خرج أرسل بعده عليا
وقال له:«اخرج بهذه القصة من صدر براءة فأذن بذلك في الناس إذا اجتمعوا»
وقال:«لا يبلغ عنى إلا رجل منى»
فخرج علىّ على العضباء ناقة الرسول فأدرك أبا بكر في ذي الحليفة وأم أبو بكر- رضى الله عنه- الناس في الحج، وقرأ علىّ على الناس صدر سورة «براءة» .