يسبح لله كل ما في السموات، وما في الأرض تسبيحا متجددا مستمرا، لأنه صاحب الملك، وبيده الأمر والخلق، وهو القدوس المنزه عن كل نقص المتصف بكل كمال، العزيز الذي لا يغلبه غالب، الحكيم في كل شيء.
وأول مظهر من مظاهر فضله ونعمه على خلقه إرسال الرسل وخاصة النبي محمدا صلّى الله عليه وسلّم خاتما للرسل كلهم، ولا شك أن هذا من مظاهر عزته وحكمته، هو الحق- تبارك وتعالى- الذي بعث في العرب رسولا من جنسهم أميا مثلهم، لا يقرأ ولا يكتب، ومع ذلك فهو يتلو عليهم الآيات، ويحملهم على طهارة النفس ويخلق فيهم الضمير الحي، وهو الذي يعلمهم القرآن، والحكمة النافعة المأخوذة من حديثه وقوله وفعله، فهو المثل الأعلى الذي قاد أمته إلى الحياة الصحيحة، في التشريع والقضاء والسياسة والاقتصاد، وإن كانوا من قبل لفي «١» جاهلية جهلاء، وضلالة عمياء، وأى ضلالة أكبر من ضلالة العرب قبل الإسلام؟
يعلم العرب الكتاب والحكمة، ويزكيهم من دنس الرجس والشرك وسوء الفعل، ويعلم آخرين منهم لم يلحقوا بهم وسيلحقون بهم، هؤلاء هم الذين دخلوا في الإسلام من العرب ومن غيرهم أخيرا بعد الصحابة، وما أروع كلمة «منهم» أى: من الأمة الإسلامية، إذ الإسلام لا يقر اختلاف الأجناس والألوان بل كل مسلم من أى جنس ولون فهو عضو في أسرة الإسلام، وإن بعدت الدار، وشط المزار.
ذلك الفضل العظيم فضل الله ونعمته يؤتيه من يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم، لا حرج على فضل الله حيث فضل الرسول وقومه وجعلهم متبوعين بعد أن كانوا أوزاعا لا وزن لهم ولا قيمة عند غيرهم من الأمم، وظل الحال كذلك.
فالعرب لعبوا ويلعبون دورا مهما في العالم إلى الآن.