للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن يكون الوالد للولد هو نفسه ولدا لوالده فكيف يكون هذا مع الله الرحمن المنعم بجلائل النعم ودقائقها؟ غير المحتاج لغيره المخالف للحوادث في كل شيء.

روى البخاري عن أبى هريرة قال. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم. «يقول الله- تبارك وتعالى- كذّبنى ابن آدم، ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك، فأمّا تكذيبه إيّاى فقوله: ليس يعيدني كما بدأنى، وليس أوّل الخلق بأهون علىّ من إعادته، وأمّا شتمه إيّاى فقوله اتّخذ الله ولدا وأنا الأحد الصّمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد» .

وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا كما قالت اليهود: عزير ابن الله، وكما قالت النصارى: المسيح ابن الله، وكما قال المشركون: الملائكة بنات الله!! وكيف يكون ذلك؟ وكل من في السموات من إنسان أو ملك يأتى الرحمن عبدا ذليلا خاضعا لقوته وجبروته وَكُلٌّ أَتَوْهُ داخِرِينَ «١» أى: صاغرين، وهذا يتنافى مع اتخاذ الولد إذ الولد قطعة من أبيه وهو عبد صار حرا بمجرد الشراء على أن الله ليس في حاجة إلى الولد، وله من في السموات والأرض كلهم ملكا وخلقا وعبيدا، وهو العالم بكل شيء المحيط بكل كائن في الكون، القادر لا تحد قدرته بحد القائل في كتابه لقد أحصاهم جميعا، وعدهم عدا وكلهم آتيه يوم القيامة فردا خالصا مجردا من كل شيء فهل يعقل أن يكون لمثل هذا ولد؟ أو يكون معه ولد فإن الولد شريك أبيه وصنوه، وخليفته من بعده، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. وخير ما يختتم به هذا الموضوع سورة التوحيد والإخلاص قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ وانظر يا أخى إلى التوحيد الخالص البريء في الإسلام، والتوحيد الصريح الذي لم يدع شكا عند أحد سبحان من هذا كلامه!!!

ختام السورة [سورة مريم (١٩) : الآيات ٩٦ الى ٩٨]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨)


(١) سورة النمل آية ٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>