يجب أن تكونوا بعيدين عن الكفر إذ أنتم من الموحدين الذين كنتم تستفتحون بهذا النبي العربي على الذين كفروا.
وها كم دليلا آخر على صدق محمد في رسالته، ولعله أوضح مما مضى: يا أهل الكتاب ويا أتباع الأنبياء وأصحاب الكتاب. هذا النبي العربي وصفه عندكم أنه أمى، ما كان يتلو كتابا، ولا يخط بيمينه حرفا، ولم يجلس إلى معلم، ولم يستمع إلى مدرس ومع هذا فقد أتى بالقرآن المعجز في أسلوبه وعلومه، وقصصه وأحكامه وتشريعه، أليس في هذا دليل على صدقه؟! على أنه إذا كان قارئا عالما ثم أتى بهذا القرآن المحكم، ذلك الكتاب الكامل الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ما كان يصح أن يرتاب في صدقه إلا المبطلون، فإن جميع علماء الأرض لو اجتمعوا على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ومعينا، فكيف يرتاب إنسان في أن هذا القرآن نزل من عند الله على محمد، وهو المعجزة الشاهدة على صدقه إلى الأبد، ولا يشك في هذا إلا رجل غير محق في رأيه، بل هو آيات بينات واضحات في صدور الذين أوتوا العلم والمعرفة، ولذا ورد.. «هذه الامّة أناجيلهم في صدورهم» وبعد هذا ما يجحد بآيات ربك إلا الظالمون الذين يعرفون الحق ثم ينأون عنه حسدا من عند أنفسهم وبغيا.
وأنتم يا أهل الكتاب إذا جحدتم هذه الآية، وكفرتم بتلك الرسالة المحمدية لزمكم إنكار الرسل والكفر بالكتب كلها. وكنتم ملحقين بالمشركين الظالمين، وما يجحد بآياتنا بعد ذلك إلا الظالمون.
ذكر بعض الشبه والرد عليها [سورة العنكبوت (٢٩) : الآيات ٥٠ الى ٥٥]