للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[المفردات:]

خَمْراً المراد: عنبا يكون خمرا بِتَأْوِيلِهِ بتفسيره الذي يؤول إليه في الخارج.

[المعنى:]

بدا لهم أن المصلحة في سجن يوسف فسجنوه، ودخل معه فتيان مملو كان للملك:

أما أحدهما فخازن طعامه والآخر ساقيه وليس الأمر من باب المصادفة ولكنه تقدير العزيز العليم، وماذا كان من شأنهما؟ قال أحدهما: يا يوسف إنى أرانى أعصر عنبا ويكون في المستقبل خمرا رأيت هذا في منامي رؤية واضحة كأنى رأيتها في اليقظة. وقال الآخر: إنى أرانى أحمل فوق رأسى خبزا تأكل الطير منه، قال كل منهما: يا يوسف نبئني بتأويل رؤياي وأخبرنى بتفسير حلمي الذي يؤول إليه في الخارج نبئنا بتأويله، ثم عللوا هذا الطلب بقولهم: إنا نراك من المحسنين الذين يعملون الإحسان بمقتضى الغريزة والفطرة لا بسبب آخر. وقيل المعنى: إنا نراك من المحسنين تعبير الرؤيا وتفسيرها.

وانتهز يوسف هذه الفرصة، وهي ثقة هذين الشخصين به وبعلمه وبعقله فعمل على أن يبدأ حديثه معهما بدعوتهما إلى دين التوحيد الخالص وترك الأوثان ومن هنا نفهم أن دخول السجن كان لحكمة الله يعلمها، وأن يوسف ينتقل من مكان إلى مكان فيه خير له ولدينه.

أخذ يوسف يدعوهما إلى التوحيد بعد أن قدم مقدمة كالمعجزة الدالة على صدقه فقال: اسمعوا. إنه لا يأتيكما طعام ترزقانه من أى مكان إلا ونبأتكما بتأويله وتفسيره من أين أتى؟ ولأى غرض أتى، وفي أى وقت سيأتى؟ كل ذلك قبل أن يأتيكما، وذلك بعض ما علمني ربي بوحيه لا بشيء آخر كالكهانة والسحر ومن هنا يعلم أن يوسف أوحى إليه وهو في السجن ليدعو الضعفاء والفقراء والمظلومين فهم أقرب إلى التصديق من غيرهم. وسبق أن قلنا إنه ألهم بما يطمئنه على نفسه ومستقبله وهو في البئر كل ذلك ليعلم أن الله يرعاه، والسبب في ذلك: أنى تركت شريعة قوم لا يؤمنون

<<  <  ج: ص:  >  >>