الْمَساجِدَ: أماكن السجود، والمراد المواضع المعدة للعبادة والصلاة.
لِبَداً: جمع لبدة، مأخوذة من تلبد القوم: إذا تجمعوا، وعليه قولهم: لبدة الأسد للشعر المتراكم حول عنقه. يُجِيرَنِي: ينفعني ويدفع عنى. مُلْتَحَداً أى:
ملتجأ ألتجئ إليه، أو حرزا أتحصن به. أَمَداً: زمنا بعيدا. يَسْلُكُ المراد:
يقيم ويثبت. رَصَداً: حراسا وحفظة.
[المعنى:]
قل أوحى إلى أنه استمع نفر من الجن، وأوحى إلى أن الحال والشأن لو استقام الإنس والجن على ملة الإسلام التي هي الطريقة المثلى، الطريقة المحكمة التي فيها خير الدنيا والآخرة، أن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء كثيرا مباركا فيه وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ [الأعراف ٩٦] وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقامُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ [سورة المائدة آية ٦٦] .
لو استقام الخلق لأتتهم الدنيا وكثرت أرزاقهم، ثم أتت مرحلة أخرى هي مرحلة الاختبار والابتلاء ليظهر أهم من الشاكرين أم من الذين يكفرون بالنعم! وهذا معنى قوله تعالى: لنفتنهم فيه، ومن يعرض عن ذكر ربه، ولا يقبل على عبادته فإنه يدخله عذابا يعلوه ويكون هو فيه، عذاب- والعياذ بالله- شديد وبئس هذا المصير.
وأوحى إلى أنه لما قام عبد الله ورسوله محمد صلّى الله عليه وسلّم يدعو الناس إلى الخير وإلى الهدى والنور، لما قام يدعوه كادوا- أى: الإنس والجن- يكونون عليه متراكمين متكتلين ليطفئوا نور الله فأبى الله إلا أن ينصره ويظهر دينه ولو كره المشركون وقد كان ذلك كذلك.
قل لهم يا محمد: ما لكم! وماذا فعلت! إنما أدعو ربي وأعبده وحده ولا أشرك به شيئا فليس هذا بأمر يضركم أو يدعو إلى ما تفعلون.
قل لهم: ما لكم تقفون منى هذا الموقف!! إنى لا أملك لكم ضرّا ولا نفعا، والذي يملك ذلك هو الله، فلم أكن مقصرا في حقكم في شيء!