الكفر والإيمان ضدان لا يجتمعان في قلب أبدا، وهل تستوي الظلمات والنور ... ؟
ومن الناس من يكفرون بالله ورسله جميعا في الواقع ونفس الأمر وإن لم يصرحوا بذلك، ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله، فيؤمنوا بالله ويكفروا بالرسل وكتبهم، وهؤلاء هم أكثر سكان العالم.
ومن الناس من يؤمن بالله وببعض الرسل كاليهود والنصارى. يؤمنون بموسى أو عيسى ويكفرون بمحمد صلّى الله عليه وسلّم وبكتابه المنزل عليه.
ويريدون بهذا أن يتخذوا سبيلا وسطا بين الإيمان والكفر، أولئك المذكورون هم الكافرون الكاملون في الكفر، والراسخون في الضلال حقا. وأى حق يكون أثبت وأصح مما يجعله الله تعالى حقا؟؟ وأعتدنا وهيأنا للكافرين منهم ومن غيرهم عذابا ذا إهانة في الدنيا والآخرة.
ولا غرابة في هذا الحكم الشديد، لمن يؤمن بالله ويكفر برسله، أو يؤمن ببعض الرسل ويكفر بالبعض الآخر، إذ الإيمان بالله حقيقة يقتضى عبادته على وجه يرتضيه، ولا سبيل إلى ذلك إلا بالإيمان بالرسل واتباع تعاليمهم فهم السفراء بين الله وخلقه، فكيف يتصور إيمان بالله وكفر برسله؟
وأما الإيمان برسله كموسى أو عيسى كما فعلت اليهود أو النصارى. والكفر بمحمد صلّى الله عليه وسلّم والأنبياء فليس بشيء.
إذ لو آمن اليهود بموسى حقيقة لآمنوا بمحمد كذلك، ولو آمن النصارى بعيسى حقيقة لآمنوا كذلك بمحمد صلّى الله عليه وسلّم فهو مذكور في كتبهم ومبشر به عندهم ومصدق لما معهم، على أن دلائل الرسالة عند محمد صلّى الله عليه وسلّم أوضح من غيرها فهو الأمى العربي الذي نشأ في الجاهلية ثم أنزل عليه القرآن الكامل في كل شيء ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ [سورة البقرة آية ٢] .
ألست ترى أن الرسل وكتبهم كأمراء الأقاليم، والقوانين التي تصدر إليهم من الرئيس الأعلى، والشعب ملزم بطاعة الرئيس وقانونه، حتى إذا انتهت مدته وجاء رئيس آخر