لا خير فيه، والتأثيم: من الإثم: كل ما يغضب الله. مَكْنُونٌ أى: مصون في أصدافه. مُشْفِقِينَ: خائفين من عذاب الله. السَّمُومِ: اسم من أسماء النار، والسموم: الريح الحارة، وقد تستعمل في لفح البرد وهي في لفح الشمس أكثر.
وهذا شروع في ذكر حال المؤمنين وجزائهم يوم القيامة بعد ذكر البعث وأنه واقع لا محالة، وما يلاقيه المنكرون له بالإجمال، وتلك عادة القرآن الكريم في الترهيب والترغيب.
[المعنى:]
إن المتقين الذين آمنوا بالله وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر إيمانا صحيحا كاملا مقرونا بالعمل في جنات عظيمة، ونعيم مقيم، وفضل كبير، ورضوان من الله أكبر، هم في جنات الخلد حالة كونهم فاكهين ومتلذذين بما آتاهم ربهم من الإحسان والفضل العميم، وقد وقاهم ربهم عذاب الجحيم، ويقال لهم تكريما: كلوا واشربوا، أكلا وشرابا هنيئا، بسبب ما كنتم تعملون في الدنيا من صالح الأعمال.
إن المتقين في جنات حالة كونهم متكئين «١» على نمارق موضوعة على سرر مصفوفة وقرناهم بحور عين، وكأنهم البيض المكنون، والذين آمنوا، وأتبعتهم ذريتهم بإيمان أى كانوا مؤمنين، وإن لم يكونوا في درجة آبائهم، هؤلاء ألحقنا بهم ذريتهم في الدرجة وما أنقصناهم من عملهم شيئا، ولكنه فضل من الله ونعمة عليهم. روى عن ابن عباس قال: إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة، وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه، ثم قرأ هذه الآية.
كل نفس بعملها مرهونة عند الله، إن خيرا فخير وإن شرّا فشر، كأن العمل بمنزلة الدين ونفس العبد بمنزلة الرهن، فإن كان العمل مقبولا عند الله فكأن صاحبه أدى دينه
(١) هو حال من الضمير المستكن في الخبر، ويجوز أن يكون حالا من ضمير كلوا أو آتاهم.