سَخَّرَ لَكُمُ ذلل دائِبَيْنِ دأب في العمل إذا سار فيه على عادة مطردة والمراد دائمين لا يفتران لا تُحْصُوها لا تحصروها كَفَّارٌ شديد الكفر والجحود للنعم.
من الناس من بدل شكر النعم كفرا، ومنهم من قام بالشكر الواجب عليه، وأقام شعائر الدين بالصلاة والزكاة وغيرها، وفي هذه الآيات بيان للنعم التي توجب الشكر لله حيث أنعم بها علينا وتوجب النقم والعذاب على من لم يشكر الله عليها.
[المعنى:]
الله- جل جلاله-، وتقدست أسماؤه، المعبود بحق. الذي لا إله غيره، ولا معبود سواه، هو الذي خلق السماوات والأرض، وما فيهن. وما في العالم العلوي من الأجرام السماوية، والكواكب السيارة، والهواء والأثير، والشمس والقمر وغير ذلك مما لا نعلمه آيات ودلائل على عظم قدرة الله، وكمال نعمه على الوجود وكذلك ما في العالم السفلى من الأرض ومعادنها والعوالم التي فيها آيات ناطقة لقوم يتفكرون.
الله- سبحانه وتعالى- هو الذي أنزل من السماء ماء، وجعل منه كل شيء حي وأخرج بسببه من الثمرات أنواعا وأشكالا مختلفة لا يعلمها إلا هو رزقا للعباد، وأحيا بالماء ميتا وصحراء مجذبة.
وهو الذي سخر لكم يا بنى آدم وذلل لكم الفلك لتجرى فوق سطح الماء فتنقلكم وتنقل متاعكم حيث تريدون فهو الذي أرشدكم لصنعها وهو الذي سخر البحر لحملها والريح والبخار لتحريكها وسبحان الله خالق كل شيء فاعبدوه.
وهو الذي سخر لكم الأنهار، وشقها في بطون الأودية وجعل منها حياة الأقاليم والأقطار. ألا ترى إلى نهر النيل والفرات وغيرهما؟! وهو الذي سخر الشمس والقمر دائبين في الحركة، دائمين لا يفتران لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَها أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ «١» .