وإن فاتكم شيء من أزواجكم وذهبن إلى الكفار ثم لم يعطوكم شيئا من المهر فعاقبتم، وأتت العاقبة لكم فغنمتم شيئا منهم، فآتوا الذين ذهبت أزواجهم، ولم يأخذوا مهورهن مثل ما أنفقوا لفواته عليهم من جهة الكفار، واتقوا الله في كل شيء، اتقوا فأنتم به مؤمنون، ومن الواجب على المؤمنين تقوى الله في السر والعلانية وقد فعل المؤمنون ما أمروا به من الإيتاء للكفار والمؤمنين، وقد رفع هذا الحكم العام، وأصبح الحكم شخصيّا على الإمام والمسلمين عامة.
يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على عدم الإشراك بالله شيئا وعدم السرقة، والزنا، وقتل الأولاد خوف الفقر أو العار كما كان يفعل في الجاهلية من وأد البنات أحياء ويبايعنك على ألا يأتين بولد يختلقن نسبته للزوج مقدرا وجوده بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف عرف حسنه شرعا وعقلا من طاعة الله ورسوله والإحسان للناس وكل ما أمر به الشرع الشريف.
إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على هذا الأساس فبايعهن، واستغفر لهن الله عما فرط منهن، وقد كانت مبايعته الرجال على الإسلام والجهاد، ومبايعة النساء على ما ذكر في الآية، وقيل: هما سواء في كل ذلك، ولعل السر في مبايعة النساء بهذا أن النساء كثيرا ما يرتكبن مثل هذه الأعمال. والثابت أن هذه الآية نزلت في مبايعة النبي صلّى الله عليه وسلّم في فتح مكة، وكانت فيهن هند بنت عتبة، ولها قصة مذكورة في كتب السيرة.
بدئت هذه السورة بالنهى عن موالاة الكفار وخاصة اليهود، وختمت بمثل ذلك تأكيدا لعدم موالاتهم وتنفيرا للمسلمين عنها.
يا أيها الذين آمنوا: لا تتولوا قوما قد غضب الله عليهم، ولعنهم- وهم اليهود- قد يئسوا من الآخرة وثوابها مع أنهم يوقنون بها، وذلك لعنادهم مع النبي مع علمهم بصدقه، هؤلاء يئسوا كما يئس الكفار حالة كونهم من أصحاب القبور الذين ماتوا، يئسوا من الرجوع إليهم والالتقاء بهم في أى وقت.