بمجيئهم لما يعلم من أخلاق قومه وضاق بهم ذرعا، وعجز عن احتمال ضيافتهم، وذلك لما يخافه من اعتداء قومه عليهم،
وقد روى أنهم جاءوا على شكل غلمان حسان وقال لوط (وهو ابن أخ إبراهيم- عليه السلام-) : هذا يوم شديد قد اجتمعت فيه أسباب الشر.
وجاء قومه عند ما سمعوا بالضيوف وقدومهم جاءوا يهرولون مسرعين مدفوعين بدوافع نفسية شيطانية، ولا غرابة في هذا فهم قوم كانوا يعملون السيئات من قبل، فالسوء والاعتداء، وإتيان الرجال شهوة من دون النساء غريزة فيهم مستحكمة أَإِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نادِيكُمُ الْمُنْكَرَ قال لوط: يا قوم هؤلاء بناتي لصلبى أو بنات القوم جميعا من ثيبات وأبكار تحت طلبكم وفي مقدوركم، وهن أطهر لكم، [وليس معنى أطهر أن إتيان الرجال طاهر لا. لا..] والمراد هؤلاء تحت طلبكم فتزوجوا العذارى. وأتوا نساءكم في الحلال، ولا يعقل أن يعرض لوط بناته لهم للزنا فهذا لا يليق من رجل عاقل فما بالك بنبي مرسل لا يعقل هذا أبدا وإن كتب في سفر التكوين ونقله جهلا أو بحسن الظن بعض المسلمين، بدليل قوله: فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي، والمعنى: أجمعوا بما آمركم به بين تقوى الله باجتناب الفاحشة وبين حفظ كرامتي وعدم إذلالى وامتهانى في ضيفي، أليس منكم رجل رشيد؟ ذو رشد وعقل يرشدكم إلى الخير ويهديكم إلى الرأى؟
قالوا: لقد علمت ما لنا في بناتك من حاجة ولا أرب، فلا معنى لعرضك علينا هذا وإنك لتعلم ما نريد من الاستمتاع بالذكران، قال لوط مخاطبا ضيوفه كما هو الظاهر: لو أن لي بكم قوة تقاتل معى هؤلاء القوم أو تدفع شرهم عنى، والمعنى أتمنى أن يكون لي ذلك أو آوى إلى ركن شديد من أصحاب العصبيات والقوة في الأرض، قالت الملائكة: يا لوط: إنا رسل ربك جئنا لنجاتك من شرهم وإهلاكهم، ومعنى هذا أنهم لم يصلوا إليك بسوء في نفسك ولا فينا، ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم، فلم يبصروا شيئا ثم قيل لهم: فذوقوا عذابي ونذر ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر! فقالت له الملائكة تنفيذا لوعد ربه:
أسر بأهلك واخرج من هذه القرية الظالم أهلها بطائفة مع الليل تكفى لتجاوز حدودها والبعد عنها فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ