بالكفر ثم بنو أمرهم على الشك؟ ويمكن أن يقال: إنهم أرادوا إنا كافرون في الواقع بما تدعوننا إليه وإن نزلنا عن هذا المقام جدلا فلا أقل من أن نشك شكا يجعلنا في ريب وقلق نفسي من رسالتكم، فلا أمل أبدا في تصديقكم ماذا قالت الرسل؟
قالت لهم رسلهم: أفي الله شك؟!! أفي وحدانيته شك أم في وجوده شك؟!! وكل الدلائل والشواهد تدل على وجوده- سبحانه- وعلى تفرده بالألوهية والعبادة وكيف تشكون في الله فاطر السموات والأرض؟ إذ الذي خلقهما على هذا النظام البديع المحكم، وخلق كل ما فيهما من عوالم لا يحصيها إلا هو ينبغي ألا يشك في وحدانيته ووجوده، وهو الذي يدعوكم إلى الإيمان الكامل ليغفر لكم بعض ذنوبكم وهذا الدعاء منه وحده دليل على تفرده بالألوهية، وهو الذي إن استجبتم إليه وآمنتم به واستقمتم على صراطه يؤخركم إلى أجل مسمى عنده بلا عذاب في الدنيا حتى الموت.
وهل سكت الكفار وأسلموا لله أم اعترضوا على ذلك؟
قالوا: ما هذا؟ كيف نؤمن بكم وننقاد لكم؟ وما أنتم إلا بشر مثلنا تأكلون مما نأكل وتشربون مما نشرب، ولا نرى لكم علينا من فضل حتى نجعلكم قادة وحكاما وأئمة وأنبياء.
وأنتم تريدون أن تصدونا عن عبادة ورثناها عن آبائنا من قبل؟ وآباؤنا أبعد نظرا، وأحسن قولا، أفنتركهم ونتبعكم؟! على أننا لا يمكن أن تترك ما ألفناه إلا بحجة وبرهان وقوة وسلطان، أما ذكر السموات والأرض وعجائبهما فهذا ليس دليلا على صحة ما أتيتم به.
أما رد الأنبياء على شبههم الثلاثة، أنتم بشر، تدعوننا إلى ترك عبادة الآباء، وهاتوا حجة ودليلا على ما تقولون.
فقالت لهم رسلهم: ما نحن إلا بشر مثلكم نأكل ونشرب، ونمشي في الأسواق ونبحث عن الأرزاق، ونأتى النساء إلخ. ولكن هذا لا يمنع أن الله يمن على من يشاء من عباده بالنبوة والرسالة اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [سورة الأنعام آية ١٢٤] وقد منّ الله علينا بالرسالة ولا حرج على فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده.
أما طلبكم الحجة والبرهان بعد أن قدمنا لكم من المعجزات فأمره إلى الله ولا دخل