لهم مع بيان موقفه من آدم أبى البشر، ولقد ذكرت هذه القصة في القرآن سبع مرات بأشكال مختلفة. وصور متباينة تتناسب مع الغرض العام في السورة والغرض الخاص المناسب للسابق واللاحق من الآيات. لهذا سنختصر في سردها.
وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم سجودا رمزيا للامتثال ولإظهار المحبة ومكانة بنى آدم لا سجود عبادة وخضوع فسجدوا جميعا إلا إبليس أبى واستكبر وقال: أأسجد لمن خلقته من طين، وأنا خلقت من نار فأنا خير منه فكيف أسجد له. قال: أخبرنى عن هذا الذي فضلته على! لم فضلته وقد خلقتني من نار وخلقته من طين! تالله لئن أخرتنى إلى يوم القيامة لأستولين عليهم بالإغواء والإضلال جميعا إلا قليلا منهم، وهم عبادك المخلصون.
قال الله له: اذهب فامض لشأنك الذي أخذته لنفسك فمن تبعك منهم وأطاعك فإن جهنم مأواكم وجزاؤكم جميعا أنت ومن اتبعك جزاء موفورا.
واستفزز من استطعت منهم بصوتك واستخفه وادعه بكل ما تستطيع من قوة وإغراء، وأجمع عليهم خيلك وفرسانك، ورجالك، وهذا تمثيل، والمراد أجمع لهم مكايدك وما تقدر عليه، ولا تدخر وسعا في إغوائهم، وشاركهم في الأموال حتى يتصرفوا بما يخالف وجه الشرع من سرقة وغصب إلى غش وخديعة، أو أخذ بالربا، وشاركهم في الأولاد عن طريق الزنى، وتسميتهم بأسماء غير شرعية، وعدم احترام الحقوق الشرعية في الزواج والطلاق والرضا وغيره وعدهم بكل ما تعد به من زخرف القول وباطله.
وما يعدهم الشيطان إلا غرورا باطلا، وتزيينا كاذبا، وإظهارا للباطل في صورة الحق.
إن عبادي ليس لك عليهم سلطان ولا قوة إلا من اتبعك، وكفى بربك وكيلا يتوكلون عليه فهو الذي يدفع عنهم كيد الشيطان ويعصمهم من إغوائه.
ومن هنا نعلم أن الناس صنفان: صنف مؤمن تقى إذا مسه الشيطان تذكر نفسه وما حمل من أمانة، وما عليه من حساب، واستعاذ بالله فإذا هو مبصر محاسب نفسه وهؤلاء هم العباد الذين ليس للشيطان عليهم سبيل.
والصنف الثاني: هو العاصي الذي يتولاه الشيطان، ويستولى عليه مستعينا بالمال والدنيا والنفس الأمارة بالسوء.