أعمى القلب والبصيرة، ولم يهتد إلى طريق الحق والنور فهو في الآخرة أعمى لا يهتدى إلى طريق النجاح والفلاح بل هو في الآخرة أضل سبيلا.
وروى أن قبيلة ثقيف وكانت تسكن الطائف قالت للنبي صلّى الله عليه وسلم: لا ندخل في أمرك حتى تعطينا خصالا نفتخر بها على العرب فلا يكون علينا زكاة، ولا جهاد، ولا صلاة، وأن كل ربا علينا فهو موضوع، وكل ربا لنا فهو لنا فإن قالت العرب لم فعلت ذلك؟ فقل: إن الله أمرنى.. وطمع القوم أن يعطيهم النبي ما طلبوا فأنزل الله وَإِنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ.. الآية.
وإن هموا وقاربوا أن يفتنوك عن الذي أوحى إليك. ويستنزلونك عن طريق الحق الذي ارتضاه لك ربك لتفترى عليه غيره، وتبدل فيه، إنك لو فعلت ذلك بأى صورة لاتخذوك خليلا، ولكنك تخرج من ولاية الله، وتطرد من رحمته.
ولولا أن ثبتناك وعصمناك لقد كدت تركن إليهم شيئا قليلا، إنك لو فعلت ذلك لأذقناك ضعف عذاب الحياة، وضعف عذاب الموت.
وفي قوله- سبحانه-: كدت، شيئا قليلا، ثم مضاعفة العذاب في الدنيا والآخرة دليل على أن جرم العظيم عظيم.
وفيها إشارة إلى أن التهاون في شأن الدين وأحكامه خطر وأى خطر!!! وعليه عذاب مضاعف في الدنيا والآخرة، فيا ويلنا مادمنا نتهاون في شأن الدين وحكمه. وعلى المؤمنين جميعا إذا قرءوا هذه الآيات أن يملؤوا قلوبهم خشية وخوفا وتصلبا في دين الله
ولقد صدق رسول الله في قوله:«اللهمّ لا تكلني إلى نفسي طرفة عين» .
وإن كاد أهل مكة ليزعجونك بعداوتهم، ويستفزونك من أرضها ليخرجوك منها، إنهم إن فعلوا ذلك وأخرجوك كرها لا يبقون بعدك إلا قليلا.
وقيل: نزلت في يهود المدينة حينما قالوا للنبي صلّى الله عليه وسلّم حسدا وزورا، يا أبا القاسم إن الأنبياء إنما بعثوا بالشام فلو خرجت إليها لآمنا بك واتبعناك، وهذا مما يؤيد أن هذه الآيات مدنية.
واعلموا أن كل قوم أخرجوا رسولهم من بلادهم فسنة الله أن يهلكهم ولا تجد لسنته تحويلا وخروج النبي صلّى الله عليه وسلّم من مكة كان بأمر الله.