للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في حلول الغضب عليكم والعذاب من ربكم؟! فأخلفتم موعدي، ولم تقيموا على عهدي قالوا يا موسى: ما أخلفنا موعدك بملكنا الصواب والرأى الحسن بل أخطأنا ولم نملك أنفسنا وكنا مضطرين إلى الخطأ الذي وقعنا فيه.

ولكنا حملنا أثقالا من زينة القوم أى المصريين، وذلك أنهم أخذوا حلى بعض المصريين بحجة أن لهم عيدا أو اجتماعا، وقيل، لما غرق فرعون أخذوا زينته فهم حملوا أثقالا من زينة القوم، فقذفناها كما أشار- بذلك السامري- إلى النار. فمثل ذلك القذف قذفها السامري فأخرج لهم بعد أن أذاب الذهب في النار صورة عجل له جسد، وله خوار وصوت كصوت العجل الحي.

أكان حقيقة هذا العجل من جسد وروح وله خوار؟ أو هو عجل جسد فقط وله صوت نشأ من وضع خاص في تركيبه إذا مر به الريح صار له صوت يمكن أن يكون هذا وذاك والله أعلم.

والشيخ النجار يرى أن السامري أمكنه بالحيلة أن يحضر لهم عجلا حقيقيا لم يروه قبل هذا، وكان أخذ الذهب منهم وإلقاؤه في النار حيلة منه فقد عمل عمل الدجالين.

ولما أخرج لهم عجلا له جسد وله صوت قال ومن معه: يا بنى إسرائيل هذا إلهكم وإله موسى الذي ذهب ليطلبه ولكنه نسى مكانه فضل طريقه، أو هو إلهكم ولكن موسى نسى أن يخبركم به.

ويقول الله لهم: أفلا يعتبرون ويتفكرون في أن هذا العجل لا يرجع لهم قولا ولا يرد عليهم بكلمة، ولا يملك لهم ضرا ولا نفعا.. فيكف يكون إلها؟!! ولقد قال لهم هارون محذرا إياهم من عبادة العجل، يا قوم إنما فتنتم وابتليتم به، وإن ربكم الرحمن- سبحانه وتعالى- فاتبعوني ولا تتبعوا طرق الشيطان وكلام السامري، وأطيعوا أمرى فإنى ناصح لكم شفيق بكم قالوا: لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى، ولن نزال مقيمين على عبادته حتى يعود أخوكم موسى.

فلما رجع موسى قال وهو في غاية الحسرة والألم: يا هارون ما منعك أن تتبعني في شدة النكير على المخالف والقسوة على العاصي؟ أى هلا قاتلتهم إذ قد علمت أنى لو كنت بينهم لقاتلتهم في ذلك قتالا عنيفا.

<<  <  ج: ص:  >  >>