إهلاكها وقدرناه لها أنهم يرجعون عن الكفر إلى الإسلام، ويثوبون إلى رشدهم فأولئك ختم الله على قلوبهم وعلى أبصارهم فهم لا يؤمنون أبدا..
وقوله:(حرام) مستعار لمنع الوجود، كقوله في آية أخرى إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ [سورة الأعراف آية ٥٠] ، أى: منعهما.
ومعنى الآية بإيجاز: إن قوما ما أراد الله إهلاكهم لعلمه بحالهم غير متصور أبدا أن يرجعوا إلى الإسلام وحدوده إلى أن تقوم القيامة، وحينئذ يثوبون إلى رشدهم ويقولون: يا ويلنا إنا كنا في غفلة من هذا، بل كنا ظالمين!! فهم لا يؤمنون حتى يروا العذاب الأليم، وعلى ذلك فقوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ غاية لما قبلها كما ذكرنا ذلك، ولا في قوله لا يَرْجِعُونَ صلة أى زائدة للتأكيد. وهذا شيء مألوف في الأساليب العربية.
وقيل إن معنى الآية: حرام على قرية أهلكناها أن أهلها لا يرجعون إلينا يوم القيامة للحساب إذ الجزاء ليس في الدنيا فقط ...
وقوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ إلى آخر الآية. مظهر من مظاهر يوم القيامة، أى إذا فتحت قبور يأجوج ومأجوج وهم الناس جميعا، وقد خرجوا من قبورهم، وأقبلوا من كل حدب يسرعون، ويؤيد هذا قراءة ابن عباس، «وهم من كل جدث (قبر) يسرعون» وهذا هو النشر بعينه.
واقترب الوعد الحق فإذا هي الأبصار شاخصة أى: أبصار الذين كفروا من هول ما رأوا لا تطرف أبدا، ويقولون: يا ويلنا وهلاكنا قد كنا في غفلة من هذا!! ولم نعمل حسابا لهذا الموقف، بل لم نؤمن أبدا بل كنا ظالمين لأنفسنا ولغيرنا.
وفي التفسير المأثور يروون في قوله تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ أن المراد حتى إذا فتح سد يأجوج ومأجوج، وذلك يكون في الدنيا، وأنهم يعيثون في الأرض فسادا، ويخرجون ويدمرون ثم يهلكهم الله بعد ذلك، وذكر ابن كثير في تفسيره أحاديث تثبت هذا.
والذي يمنع ذلك أنه ليس هناك سد مادى موجود في الدنيا، فإذا تأولنا في السد جاز أن نفهم في تحقيق ذلك جواز طغيان المبادئ الهدامة المنتشرة في روسيا والصين