الحروب الصليبية وتركيا، وعن جامعات الأندلس. أخذ الغربيون تلك النفائس فنموها، وجودوها، حتى صارت علوما ومعارف واسعة النطاق، وأراد الله لهم ذلك.
وأراد الله للشرق وللمسلمين أن يبتعدوا عن دينهم فأهملوا علومهم ومعارفهم فدارت الدائرة عليهم وأذلهم عدوهم. ولقد صدق الله وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ [آل عمران ١٤٠] .
وأملنا في شبابنا خير، هذا الشباب الذي أخذ ينادى بالقرآن ويدرسه ويتفهمه ليعيد للإسلام مجده، ويتحقق جليا أن رسوله الكريم أرسل رحمة للعالمين ويكون على يديه إنقاذ العالم من وهدته، وضرب المثل عمليا للمؤمن القوى الصالح لعمارة الدنيا والفوز بالآخرة.
ويقول ذلك الرسول مأمورا من ربه: قل لهم: إن ديني بسيط جدا. وسهل جدا لا تعقيد فيه، ولا التواء: قل لهم إنما يوحى إلى أنما إلهكم إله واحد فاعبدوه وحده، ولا تشركوا به شيئا من الدنيا أو المال أو الشهوة أو الجاه أو السلطان، وقولوا بقلوبكم ولسانكم: الله أكبر ولله الحمد.
فهل أنتم بعد ذلك مسلمون؟ والمعنى أسلموا لله، وأخلصوا النية له فإن تولوا بعد ذلك فقل آذنتكم بحرب لا هوادة فيها، وأعلمتكم بها أنا وأنتم سواء في هذا العلم فلا عذر ولا خيانة منى.
ولست أدرى والله أقريب أم بعيد ما توعدونه من العذاب! فأنا رسول الله إليكم فقط، ولا أعلم من الغيب شيئا بل العالم بالحقائق حقا هو الله- سبحانه- الذي يعلم السر وأخفى، ويعلم الجهر من القول، ويعلم ما تكتمون من عداوة وحسد للمسلمين.
ولست أدرى لعل تأخير العذاب عنكم فتنة لكم، وابتلاء ليرى كيف يكون صنيعكم وهو أعلم بكم، ولعله متاع لكم تتمتعون به إلى أجل معلوم وزمن محدود ليكون ذلك حجة عليكم، وليقع الموعد في وقت معين عنده قل لهم يا محمد: رب احكم بالحكم الحق، فأنت الحق، ولا نحب إلا الحق، وربنا رب السموات والأرض صاحب النعم على العالم كله، وربنا الرحمن المستعان وحده، والملجأ إليه وحده، والمفزع إليه وحده، وهو المستعان وحده على ما تصنعون. وقد نصر الله عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده. لا إله إلا هو.