لما أجمع عليه المسلمون، ولما سار عليه النبي صلّى الله عليه وسلّم والصحابة أجمعون، وهذا يدلنا على أن هذا الحكم المفهوم من الآيات منسوخ، وبهذا قال بعض العلماء.
وخلاصة هذا الرأى. أن الآية واردة لتحريم نكاح الزواني والزناة إلا من بعضهم لبعض أو من بعضهم للمشركين، وأن ذلك نسخ بقوله تعالى وَأَنْكِحُوا الْأَيامى والزانية لم تخرج عن كونها من أيامى المسلمين بالإجماع، ونسخ جواز نكاح المشركين والمشركات ولو زناة المسلمين بقوله تعالى وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ [سورة البقرة آية ٢٢١] .
وعلى هذا فأحل النكاح بين الزناة والعفائف، وبين الزاني والأعفاء، وحرم النكاح بين المسلمين- ولو زناة- وبين المشركين.
ولكن النسخ غير مسلم به عند كل العلماء فمن يمنعه قال. إن الآية مسوقة للتنفير من نكاح المسلم العفيف للزانية، وتنفير المسلمة العفيفة من نكاح الزاني، ولو جاء لكل واحد منهما خير كثير. وتكون الآية مطابقة لأسباب النزول، وهي مسوقة لتنفير المسلمين الضعفاء الذين حدثتهم أنفسهم بالتزوج من البغايا رجاء المال وطمعا في الرخاء الذي يعينهم على ما هم فيه من جهد، وعلى تحقيق ما ألقى على عاتقهم من مسئوليات (كمرثد) .
فلما استأذنوا رسول الله في ذلك، نزلت الآية ليبتعد المسلمون عن بيئة الزنى فإنه مدعاة للخروج عن حدود الدين، وينزل بالمسلم إلى درجة قد تؤثر عليه فإن رؤية المنكرات، تميت في المسلم الحمية الدينية والعصبية الإسلامية كما هو موجود عند كثير من المسلمين الذين خالطوا اللادينيين.
وهذا بلا شك مما لا يليق بالمؤمن، وإنما هو من سمات الزناة فهم الذين يميلون أو يقبلون نكاح الزواني أو من هن أفحش كالمشركات وكذلك الزانية هي التي تقبل أو يليق بها أن تميل إلى الزاني ومن هو شر منه كالمشرك، وعلى ذلك فالآية مسوقة للتنفير، وبيان ذلك أن هذا لا يليق بالمؤمن المحافظ على دينه ومما يؤيد هذا المعنى قوله تعالى الآتي: الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ [سورة النور آية ٢٦] .