الدين وتنفيس شرعي اجتماعي للغريزة الجنسية، وفي هذه الآيات علاج لأزمة الزواج وقطع لعلل بعض الناس.
وأنكحوا أيها الأولياء، والسادة للعبيد، أو هو أمر موجه للأمة جميعا بمعنى التعاون وإزالة العقبات حتى يتم على أكمل صورة، وهل هو أمر للوجوب؟ الظاهر أنه أمر لمطلق الطلب لا للوجوب، إذا لم يقل أحد أن السيد واجب عليه أن يزوج عبده.
أيها الأولياء والسادة زوجوا من لا زوج له من الأحرار أو الحرائر، وكذا زوجوا الصالحين من عبيدكم وإمائكم، والمراد بالصالحين هم القائمون بحقوق الشرع الواجبة عليهم من امتثال الأوامر واجتناب النواهي ولا تنظروا إلى المال.
وإنما خص الصالحين من العبيد دون الأحرار، لأن الصالح من العبيد هو الذي يستحق أن يطلب من سيده وأن يجاب إلى طلبه.
وأما الأيامى من الأحرار فنفقاتهم على أنفسهم فالترغيب في زواجهم محمول على الإطلاق بدون شرط.
ولكن نرى كثيرا من الشباب يتعلل بالفقر، ويقول: كيف أتزوج وأنا فقير فيرد الله على هؤلاء بقوله: إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله، فالغنى والفقر بيد الله لا بيد مخلوق، وكما أعطاكم ورزقكم متفرقين يعطيكم مجتمعين بالزواج.
على أن الزواج قد يكون مدعاة للغنى فالشعور بالمسئولية، وحث الزوجة زوجها على العمل، وأنه صار صاحب بيت وأسرة، وقد تعلق به من هو في حاجة إليه، وقد يصير ذا أولاد بعد زمن، كل ذلك يدفع الرجل إلى العمل والجد والاجتهاد، وهذا يحصل الغنى، وبهذا يتحقق وعد الله، والواقع يؤيد ذلك غالبا.
والله واسع الفضل، عليم بالخلق يعطى كما يشاء ويعلم، فقد يتزوج الشخص ثم يظل فقيرا فلا يغتر إنسان بأن الزواج باب موصل مضمون للغنى، وإنما هو مظنة فقط، أو على الأقل هو إزاحة للتعليل الذي يتعلل به البعض.
وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً أى: ليعمل من لا يجد وسائل الزواج الموصلة إليه على العفة وضبط النفس وعدم الاسترسال في طريق الشهوات والبعد عما يثير الغرائز الجنسية كالاختلاط بالنساء والجلوس إليهن، والتعفف يدخل فيه تقوية الناحية الروحية بقراءة القرآن والصلاة والذكر ومجالسة أهل العلم والجلوس مع الصالحين