للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واذكر لهم عادا لما كذبوا هودا وثمود لما كذبوا أخاهم صالحا، وأصحاب الرس قيل: هم قوم من عبدة الأصنام أصحاب آبار وماشية فبعث الله لهم شعيبا فدعاهم إلى الإسلام فكذبوه، وآذوه فخسف الله بهم وبدارهم الأرض، وقيل هم أصحاب الأخدود وقيل غير ذلك، وأيا ما كانوا. فهم قوم أخبر الله عنهم بالهلاك، فاعتبروا يا أولى الأبصار.

واذكر لهم قرونا بين ذلك، أى: أمما لا يعلمهم إلا الله بين قوم نوح وعاد وثمود وأصحاب الرس ...

وكلا من الذين ذكروا بالنص كقوم نوح وعاد، ومن الذين ذكروا بالإجمال ضربنا له الأمثال، وبينا له الحجج والآيات، وأجبناهم على كل الشبه والاعتراضات فلما لم يجد هذا ولا ذاك تبرناهم تتبيرا، وأهلكناهم هلاكا تاما.

فما لكم لا تعتبرون؟!! ولقد أتى أهل مكة على القرية، ومروا بها في رحلاتهم، والمراد بالقرية (سدوم) من قرى قوم لوط، التي أمطرت بالحجارة فكان أسوأ مطر وأشده عليهم! أفلم يكونوا يرونها؟ أفلم يكونوا في مرورهم ينظرون إلى آثار عذاب الله- تعالى- ونكاله بهم!! بل السبب في جحودهم وعدم اعتبارهم والتفاتهم إلى موضع العبرة والعظة، أنهم قوم كفرة لا يرجون نشورا. نعم إن الإنسان لا يتحمل متاعب التكاليف، إلا رجاء ثواب الآخرة وخوف عقابها فإذا لم يؤمن بها ولم يرج ثوابها فلا يتحمل مشاق التكاليف، ولا يفتح عينه ولا قلبه على موضع العبرة والعظة، وهذا هو معنى قوله تعالى لا يَرْجُونَ نُشُوراً ولعلك تدرك من هذا السر في قوله:

ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ «١» ولا شك أنهم هم المنتفعون بالقران إذ من لا يؤمن بالحياة الآخرة بعيد عليه ان يتقبل الهدى والنور.


(١) سورة البقرة الآيتان ٢ و ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>