للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكون الغريب؟ كيف ضل عن عبادته وكفر به المشركون، فهم يعبدون من دون الله أشياء لا تنفعهم ولا تضرهم لو أرادت ضررهم، لأنها لا تدفع عن نفسها الضرر، ولا تجلب لها الخير، فكيف بها معكم أيها الجهلة؟!.

وكان الكافر على عصيان ربه، ومخالفة أمره، وتكذيب رسله مظاهرا ومتعاونا مع الشيطان وهو وحزبه هم الخاسرون، وقيل المعنى: وكان الكافر هينا لا قيمة له عند ربه.

وأما أنت يا محمد فلا يهمنك هذا العناد والكفر، فما أنت إلا نذير، وما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا، وعلى الله وحده الحساب والعقاب قل لهم: لم لا تطيعوني وقد قامت الأدلة على صدقى؟ هل سألتكم أجرا على رسالتي حتى تخالفوني، لا: لم أسألكم أجرا أبدا، لكن من شاء أن يتخذ إلى ربه سبيلا حسنا، ومن شاء أن يكون عند الله من المقربين بالإنفاق والعمل الصالح فليفعل، فكل ذلك عنده بمقدار ولا يضيع عنده مثقال ذرة من عمل.

وتوكل يا محمد على الحي الذي لا يموت، صاحب هذا الملكوت، القوى الباقي بعد فناء الخلق جميعا، فمن يتوكل عليه فهو حسبه وكافيه من كل شر إن الله بالغ أمره، قد جعل الله لكل شيء قدرا، والتوكل لا ينافي الأخذ بالأسباب الظاهرة مع اعتقاد أن الله- سبحانه- بيده كل شيء، فهو كما ترى حي لا يموت، فسبحه وقدسه وأطعه واعبده فهو العالم الخبير، وكفى به بذنوب عباده خبيرا، وسيجازى كلا على عمله إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وهو الرحمن الذي خلق السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام الله أعلم بمقدارها، ولا تسل عن عددها بل تذكر قول الله في عدد خزنة النار حيث يقول: وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا [سورة المدثر آية ٣١] .

خلق الله السموات والأرض في ستة أيام، ثم استوى على العرش استواء يليق بعظمته، وهو أعلم به- وهذا رأى السلف- أما الخلف فيؤولون ويقولون ثم استولى على العرش يدبر الأمر. ويقضى بالحق وهو خير الفاصلين، وثم للترتيب الإخبارى لا للترتيب الزمنى.

<<  <  ج: ص:  >  >>