الصدور، وهو الله جل جلاله؟ لا إله إلا هو، ولا معبود في الوجود بحق إلا هو، له الحمد في الدنيا والآخرة، وفي الأولى والثانية، وله الحكم، وإليه يرجع الأمر كله، وإليه وحده ترجع الخلائق يوم القيامة. هذه حقائق تشهد بها آيات الله الكونية، وآياته القرآنية.
قل لهم يا محمد أخبرونى: إن جعل الله عليكم الليل دائما بلا نهار إلى يوم القيامة! هل هناك إله غير الله يأتيكم بضياء تتمتعون به؟ أفلا تسمعون ذلك سماع تفهم وتدبر؟!! قل أرأيتم إن جعل الله عليكم النهار دائما إلى يوم القيامة، هل هناك إله غير الله يأتيكم بليل تسكنون فيه وتهدءون؟ أفلا تبصرون هذه الحقائق فتعرفون لصاحبها- جل جلاله- حقه الكامل، وتصفونه بصفات الجلال والكمال، وتنزهونه عن صفات الحوادث والمخلوقات.
ومن رحمته بخلقه جعل لكم الليل لتسكنوا فيه، والنهار لتبصروا فيه منافعكم وتحصلوا أمور معاشكم، ولتشكروا فيه ربكم على ما أسدى لكم من نعمة. وما حباكم به من فضل.
وإن من يذهب إلى البلاد الشمالية الواقعة جهة القطب الشمالي مثلا ويرى انعدام الحياة فيها لأن النهار قد يمكث ستة أشهر، والليل كذلك أو قريبا منه يدرك السر في اختلاف الليل والنهار، وتعاقبهما، وما في ذلك من النعم التي لا تحصى وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرادَ شُكُوراً [سورة الفرقان آية ٦٢] .
يا عجبا! هذه آيات ناطقة بأنه القادر وحده على كل شيء، الواحد ذاتا وصفة وفعلا وله الأمر، ومع هذا فبعض الخلائق تدعى له شركاء لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب!!.
واذكر يوم يناديهم فيقول لهم: أين شركائى الذين كنتم تزعمون؟! ولعل النداء كرر لاختلاف الحالتين ينادون مرة- كما سبق- فيدعون الأصنام فلا يستجيبون فتظهر حيرتهم، ثم ينادون مرة أخرى- كما هنا- فيسكتون ولا يجدون جوابا، وهذا توبيخ لهم وتأنيب، ويقول القرطبي رحمه الله. والمناداة هنا ليست من الله لأنه تعالى لا يكلم الكفار لقوله: وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ لكنه تعالى يأمر من يوبخهم ويبكتهم،