والتقديس دون سواه، ذلكم خير لكم، إن كنتم تعلمون طريق الخير من طريق الشر فاتبعوه، ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله، وتضلوا سواء السبيل.
إنما تعبدون من دون الله أوثانا لا خير فيها، ولا نفع يرجى منها بل هي حجارة لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع، إنما تعبدون من دون الله أوثانا. والحال أنكم تخلقون إفكا، واختلاقهم الإفك تسميتهم الأوثان آلهة وشركاء لله أو شفعاء له على أنهم هم الذين صنعوها وخلقوها للإفك والكذب.
إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا أبدا قليلا أو كثيرا، فابتغوا عند الله الرزق كله، فإنه هو الرزاق ذو القوة المتين، الذي له ملك السموات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر، وهو الحكيم الخبير، إذا كان كذلك فاعبدوه وحده، واشكروا له حق شكره، إليه وحده ترجعون فاستعدوا للقائه بعبادته وشكره على نعمه.
وإن تكذبوني فلا تضروني أبدا؟ فإن الرسل قبلي قد كذبتهم أمم، وما أصابهم من ذلك ضرر، ولكن الأمم قد أضروا أنفسهم بذلك، إذ الواجب على الرسول البلاغ، وعلى الله الحساب، فإذا بلغ كل ما أنزل إليه وأدى الرسالة كاملة فلا عليه شيء بعدها أبدا سواء آمن به الناس أم كفروا.
وهذه الآيات والتي بعدها إلى قوله- تعالى-: فَما كانَ جَوابَ قَوْمِهِ:
محتملة أن تكون من جملة قول إبراهيم أو هي معترضة نزلت في شأن الرسول صلّى الله عليه وسلم وشأن قريش في أثناء قصة إبراهيم، والمناسبة بين القصة وبين الكلام المعترض ظاهرة، إذ كل في موضوع واحد وهو تكذيب الأمم لرسلها، وقصة إبراهيم ذكرت تسلية للنبي صلّى الله عليه وسلّم فوحدة الموضوع والغرض موجودة، والآيات التي ذكرت بعد هذه الآية من توابعها، ألا ترى أن الله بين التوحيد أولا ثم أشار إلى الرسالة ثانيا بقوله وَما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ.
وقد شرع في بيان الأصل الثالث وهو الحشر، وهذه الأصول الثلاثة لا ينفك ذكر بعضها عن بعض.
أعموا ولم يروا كيفية بدء الخلق؟ ولما كان العقل يعلم أن البدء من الله بلا شك لأن الخلق الأول لا يتصور أن يكون من مخلوق، وإلا لما كان أول الخلق، وإذا كان