يا نساء النبي لستن كبقية النساء فأنتن أمهات المؤمنين وزوجات خير المرسلين وليس النبي كالناس بل هو غيرهم كما يقول في
الحديث:«لست كأحدكم»
وقد تحقق فيكم شروط التقوى، والأكرم عند الله هو التقى فلستن كغيركن.
وإذا كان الأمر كذلك فلا تخضعن بالقول، ولا تلن فيه بل ليكن كلامكن مع الناس بجد وحزم وخشونة وقوة فلا يطمع الذي في قلبه مرض الفسق والفجور، أمرهن الله أن يكون قولهن جزلا، وكلامهن فصلا، ولا يكن على وجه الليونة والطراوة حتى يطمع فيهن ضعاف الإيمان ممن في قلوبهم مرض، وفي عقولهم قصر.
وليس معنى هذا أن يكون أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم على حال فيها إيذاء وأن يقلن منكرا من القول! لا. بل أمرهن أن يقلن قولا معروفا عند الحاجة مع الكف والبعد عن مواطن الريبة وأفهام السوقة ومن في قلبه مرض.
وقرن في بيوتكن. ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى، والجاهلية الأولى هي الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء التي تردى فيها العرب قبل الإسلام، وليس هناك أولى وأخرى، والتبرج المنهي عنه ظهور المرأة على وجه لا يرضاه الشرع تكريما لها وصونا لعفافها ومحافظة على مكانتها في مجتمعها.
نهى الله نساء نبيه عن التبرج ليعلم العالم أجمع ما في التبرج من الخطر الداهم، وإذا خص الله الخطاب بهن- وإن كان المراد العموم- وهن أزواج حبيبه المصطفى فقد دل ذلك على أنه علاج وصف لبيت أكرم الخلق على الله وأحبهم وأقربهم لديه، أفيليق بنا نحن المسلمين ألا نتأسى بأزواج النبي؟ وألا نعالج نساءنا بما عالج به الخبير البصير نساء حبيبه ورسوله المصطفى صلّى الله عليه وسلّم ولعل ذلك بعض السر في تخصيص الخطاب بزوجات النبي صلّى الله عليه وسلّم.
وأمر الله نساء رسوله أن يقرن في بيوتهن وأن يقمن بها فلا يبرحنها إلا لضرورة، فالبيت مملكة المرأة، وهو معهد الطفولة، ومصنع الرجولة، وسكن الرجل ومستراحه، وفيه يقضى نصف وقته ليستريح، وفي البيت متسع لنشاط المرأة، وفيه ما يستنفد حيويتها، وهو في أشد الحاجة لها ولإشرافها حتى تخرج لنا جيلا جديدا، وتبعث لنا بأزواج وإخوة يعرفون وطنهم وحقه، ودينهم وواجبه.