فأظهره، ورغب في زينب فطلقها زوجها وتزوجها، وزعموا أن العتاب في الآية لكتمان حبه لزينب.
ونظرة بسيطة إلى تاريخ زينب وظروفها في زواج زيد تجعلنا نؤمن بأن سوء العشرة التي كانت بين زينب وزيد إنما هو من اختلافهما اختلافا بينا في الحالة الاجتماعية فزينب شريفة، وزيد كان بالأمس عبدا. وقد أراد الله امتحانها بزواج زيد لتحطيم مبدأ العصبية القبلية والشرف الجاهلى، وجعل الشرف في الإسلام والتقوى فخضعت زينب مكرهة، وأسلمت لزيد جسدها دون روحها فكان الألم والضيق.
ومحمد هذا كان يعرف زينب من الصغر لأنها ابنة عمته فمن كان يمنعها منه؟ وكيف يقدم إنسان امرأة لشخص وهي بكر، حتى إذا تزوجها وصارت ثيبا رغب فيها؟
لا يا قوم: تعقلوا ما تقولون. وتفهموا الحق لوجه الحق تدركوه بلا تلبيس ولا تشويش.
وانظر إليهم وهم يقولون: إن الذي أخفاه محمد هو حبه لزينب ولهذا عوتب، وهل يعاتب الشخص لأنه لم يجاهر بحبه لامرأة جاره؟! ولكن الحق هو أن هذا الزواج كان امتحانا في أوله لزينب وأخيها حيث أكرها على قبول زيد، وفي النهاية كان امتحانا قاسيا للنبي صلّى الله عليه وسلّم حيث يؤمر به، ويعلم نهايته، وزينب تحت مولاه زيد، والحكمة- كما نطق القرآن- هو تحطيم مبدأ كان معمولا به ومشهورا عند العرب هو تحريم زواج امرأة الابن من التبني كتحريمها إذا كان الابن من النسب، ولتغلغل العادة في النفوس جاء هدمها على يد النبي صلّى الله عليه وسلّم وعلى يد زيد بن حارثة مولاه.
فالذي كان يكتمه النبي صلّى الله عليه وسلّم في نفسه تأذيه من هذا الزواج المفروض وتراخيه في إنفاذ أمر الله به وخوفه من لغط الناس- وبخاصة المنافقين- عند ما يجدون نظام التبني قد انهار بعد ما ألفوه، ولهذا فقد عوتب.
هذه الحادثة تلقفها المستشرقون ومن على شاكلتهم من المسلمين، وخبوا فيها ووضعوا وأباحوا لأنفسهم الخوض في الأعراض، والتكلم في حق النبي صلّى الله عليه وسلّم وتصويره بصورة يترفع عنها كثير من الناس، وكان سندهم في ذلك كله ما نقلته كتب التفسير